بقلم: اللواء الدكتور شوقي صلاح
القاهرة (زمان التركية)- في يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ قامت عناصر المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة المحتل بعملية عسكرية نوعية أطلقوا عليها “طوفان الأقصى”، اقتحموا من خلالها السياج الحدودي الفاصل بين القطاع والأراضي التي تحتلها إسرائيل، واقتحموا أيضًا بعض المستوطنات الإسرائيلية، كما داهموا المقرات العسكرية المنوط بها تأمين المستوطنات بغلاف غزة، والموجودة على أراضي فلسطين التاريخية المحتلة، وتمكنت عناصر المقاومة من أخذ أسرى من الضباط والجنود الإسرائيليين، كما دمروا العشرات من الآليات العسكرية الإسرائيلية.. وللأسف اختطفوا أيضًا رهائن مدنيين من سكان المستوطنات، واحتجزوهم جميعًا في قطاع غزة، ليستطيعوا أن يساوموا بهم في المفاوضات الشاقة التي يتوقعون حدوثها مع الكيان الصهيوني الغاصب ومن يوالونه من الدول الغربية.
– وقامت دولة الاحتلال الإسرائيل عقب عملية “طوفان الأقصى” بعدوان غاشم على قطاع غزة، مستخدمين فيه أحدث الأسلحة التي أنتجتها مصانعهم ومصانع سلاح الدول الغربية، وعلى رأسها مصانع الولايات المتحدة الأمريكية، ودمرت من خلالها إسرائيل بقصف جوي وأرضي عشرات الآلاف من المساكن على رؤوس ساكنيها المدنيين، فقتلت الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام.. واستهدفت بالقصف المدمر المستشفيات ودور العبادة، كما حاصرت القطاع ومنعت كل مستلزمات الحياة عنه.
– وبعد جهد جهيد من المفاوضات استطاعت مصر إدخال بعض المساعدات القليلة من خلال معبر رفح البري.. ومازالت – حتى توقيت كتابة هذه السطور- دولة الاحتلال ترتكب جرائم: الإبادة الجماعية ضد المدنيين، بجانب جرائم دولية أخرى.. وقد تم توثيق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني من خلال العديد من المنظمات الدولية، وكذا من خلال أهالي غزة المدنيين، كما أكد السيد/ أنطونيو غوتيرش؛ الأمين العام للأمم المتحدة، وكذا السيد/ كريم أحمد خان؛ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في أكثر من مناسبة بارتكاب إسرائيل لانتهاكات ينطبق عليها أركان جرائم دولية أهمها: جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لسكان مدنيين، وجرائم ضد الإنسانية، كما ينطبق عليها أيضًا وصف جرائم الحرب.
– هذا وعجزت العدالة الدولية عن استصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي للتحقيق في أحداث الاعتداءات المشار إليها، وذلك لاستخدام الدول الغربية للفيتو لمنع صدور هذا القرار، لمحاكمة كل من يثبت اتهامه بهذه الجرائم، التي ارتكبت على نطاق واسع من قِبَل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
– لذا نقترح من جانبنا، عرض مشروع قانون على مجلس النواب المصري لتجريم إنكار الهولوكوست الإسرائيلي، الذي ارتكب أفعاله جيش الاحتلال عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ضد السكان المدنيين بقطاع غزة، حيث يُعرض على المجلس الموقر مشروع قانون؛ يُعَدِل بالإضافة قانون العقوبات المصري الحالي، وليكن نصه المقترح على النحو الآتي: “يعاقب بالحبس كل من يُنكر من خلال تصريح علني – بأي وسيلة من وسائل العلانية- جرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب، التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة المدنيين، عقب عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها عناصر المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، من أجل تحرير وطنهم المحتل..”
رسائل قصيرة إلى:
-يحيى السنوار: رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة في غزة: لقد سبق وأعلنتم عن وفاة العشرات من الرهائن الإسرائيليين بسبب قصف دولة الاحتلال، لذا فلتدعُ قوات منظمات إغاثة دولية، لانتشال جثثهم مع جثث المقاومين، وذلك أثناء فترات الهدنة المرتقبة، وتسلم تلك الجثث لإسرائيل ضمن صفقة الرهائن.. في مشهد علني يؤكد مدى خطورة القصف الإسرائيلي العشوائي للمباني السكنية للمدنيين.
– الشعب الإسرائيلي: حكومتكم الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، قراراتها غير الرشيدة تهدد كيان دولتكم، ولعل أهم أهدافهم: محاولاتهم اليائسة من أجل البقاء، أملا في تحويل النكسة لانتصار.. وأقول هذا، ليس لسبب سوى أن اتساع نطاق الحرب يهدد الجميع بخسائر فادحة – والجميع هنا؛ يشمل وطني بالطبع-.
– أجهزة الإعلام العربية: أرجو أن تركزوا على مخاطبة شعوب العالم قاطبة، وبكل اللغات، لإظهار حقيقة ما وراء جرائم الكيان الصهيوني بالشروع في التهجير القسري لسكان غزة؛ حيث أنهم يستهدفون تحقيق الأغراض التالية:
أولاً: ضم شمال قطاع وبناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية عليه.
ثانيًا: البدء في مشروع إسرائيل القديم، ببناء قناة “بن جوريون” واستغلال جزء من أراضي القطاع في هذا الشأن، بعد فصل شماله عن وسطه، عن جنوبه.
ثالثًا: الاستيلاء غير المشروع على منابع النفط والغاز الطبيعي للآبار الموجودة بالبحر المتوسط، والمواجهة لقطاع غزة، والتي تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات.
—-
اللواء الدكتور شوقي صلاح
أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة المصرية وخبير مكافحة الإرهاب