أنقرة (زمان التركية) – تزامن الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس ضد المستوطنات الإسرائيلية تحت شعار “طوفان الأقصى” مع استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإجراء زيارة رسمية إلى تركيا.
ويبدو أن أنقرة التي دعت الطرفين إلى ضبط النفس، تسعى لاتباع سياسة متزنة بعد أن بذلت جهودا في إصلاح العلاقات مع إسرائيل.
وورد أول رد فعل تركي على التطورات في الأاضي المحتلة من الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي دعا في كلمته خلال مؤتمر حزب العدالة والتنمية في أنقرة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب الخطوات التحريضية التي تعزز التوترات.
وعلى خطى أردوغان دعا بيان وزارة الخارجية التركية “الأطراف” إلى ضبط النفس، مشددًا على إدانة سقوط مدنيين.
وتضمن البيان دلالات على السياسة التي ستتبعها تركيا في المرحلة المقبلة، إذ ذكر أن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهودها لضمان السيطرة على التطورات المشار إليها قبل أن تشهد مزيدا من التصاعد وتمتد لمساحة أكبر، مشيرًا إلى استمرار المباحثات مع الأطراف المعنية بشكل مكثف.
هاكان فيدان يبدأ التحرك
وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات هاتفية مع نظيره الأمريكي، انتوني بلينكن، ونظيره الفلسطيني، رياض المالكي، بجانب وزراء خارجية كل من قطر والسعودية ومصر وإيران.
ولم يصدر بيان مفصل عن محتوى المباحثات، غير أن المؤتمر الصحفي القصير الذي أجرته الخارجية الأمريكي عقب اتصال فيدان وبلينكن أكد على حث بلينكن تركيا على التدخل.
ورغم إصدار السفارة الأمريكية لدى أنقرة بيانا مقتضبا فإنه لفت الأنظار بدعمه دعوة تركيا الأطراف لضبط النفس، وفي تصريح آخر له يوم الأحد أكد أردوغان أن إقرار السلام الدائم في الشرط الأوسط لن يتحقق إلا بإقرار حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
سياسة متوازنة
التطورات المندلعة منذ صباح يوم السبت الماضي تعكس سعي تركيا لاتباع سياسة متوازنة، فالتأكيد على إدانة العنف ضد المدنيين رغم عدم ذكر اسم حماس في التصريحات الرسمية هو دليل على أن أنقرة لا ترغب في إزعاج إسرائيل، وبجانب هذا وجه أردوغان والمسؤولون الآخرون رسالة بأنهم سيواصلون معارضة تغيير الوضع التاريخي والديني للمسجد الأقصى في القدس.
والجهود الدبلوماسية التي يجريها هاكان فيدان تشير إلى أن أنقرة تسعى للعب دورً مؤثر بالعملية، ويشير الوزير إلى أن التوترات بالمنطقة لا يمكن إخمادها بالجهود الفردية للدول بل بالعمل المشترك، لذا فإن الاتصالات الهاتفية لفيدان مع مصر والمملكة العربية السعودية وإيران مهمة من هذا المنظور، ومن المنتظر أن يتدخل أردوغان أيضًا وفقًا لمجرى الأحداث.
أنقرة على تواصل مع حماس منذ عام 2006
تركيا ترى حركة الحماس عنصرا سياسيا مشروعا على عكس العديد من الدول الغربي، ووتتولى الوساطة فيما يخص تشكيل حكومة مشتركة مع حركة الفتح.
وبدأت الاتصالات الرسمية بين تركيا وحماس في عام 2006 بزيارة وفد رفيع من حماس إلى أنقرة، وتكشفت اتصالات أنقرة مع حماس خلال فترة توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل بفعل الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة في عام 2010.
وخلال عملية التطبيع مع تركيا طرحت إسرائيل إنهاء أنشطة حماس كأحد الشروط. وتداولت وسائل الإعلام الدولية أنباء حول تنفيذ تركيا لهذا الشرط حتى ولو لم يكن بشكل كلي.
والتطورات الأخيرة بالمنطقة أثارت تساؤلات حول ما إن كانت أنقرة ستتدخل كوسيط، ولا توجد أية أنباء بعد عن تواصل أنقرة مع حماس.
كيف ستتأثر عملية التطبيع بين تركيا وإسرائيل؟
اللافت في الأمر هو تزامن التوترات الأخيرة في المنطقة مع الفترة التي تشكل أهمية كبيرة من ناحية التطبيع بين تركيا وإسرائيل.
وكان من المنتظر أن يجري بنيامين نتنياهو، الذي اجتمع مع أردوغان في سبتمبر/ أيلول في نيويورك الأمريكية، زيارته المؤجلة إلى تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتم اقتراح إجراء لقاءات على صعيد الوزراء لبحث إمكانات التعاون في مجال الطاقة قبيل زيارة نتنياهو، غير أن التطورات الأخيرة ستؤدي بلا شك لإرجاء تلك اللقاءات، هذا وتشير الأحاديث المتداولة إلى أن مستقبل التطبيع بين البلدين سيتشكل وفقًا لما ستؤول إليه الموادم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تعازيه لنظيره الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، في قتلى عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حركة حماس ضد مستوطنات غلاف غزة صباح السبت الماضي.
وأجرى الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ محادثة هاتفية مع أردوغان، أعرب خلالها الرئيس التركي لنظيره الإسرائيلي عن تعازيه لشعب إسرائيلي في المجزرة التي وقعت خلال عيدهم، وفق بيان للرئاسة التركية
وشكر هرتسوغ الذي زار تركيا العام قبل الماضي أردوغان على تعازيه، وقال إن “إسرائيل ستحمي مواطنيها وستبذل قصارى جهدها من أجل عودة الإسرائيليين المحتجزين كرهائن في غزة إلى بلادهم”.
كما صرح أردوغان أن “جهود تركيا ستستمر بشكل متزايد لإنهاء الصراعات المثيرة للقلق وضمان السلام الدائم”، وفي نفس السياق، تحدث الرئيس التركي، هاتفيا مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس.