القاهرة (زمان التركية)ــ المصريون فى الخارج يتواجدون فى دول بعضها غنية ودول أخرى قدر عليها رزقها، وهم كثيرون فى دول ونادرون فى دول، وفى كل الأحوال، قد يصادف المرء أناسا مجاهدين مجتهدين فى الحياة بكل الطرق والوسائل وفى أطر النظم والقوانين، وقد لا تصادف أبدا مصريًا متورطا فى أعمال غير مشروعة أو مخالفة للنظم، ولكن معظم الأعمال التى يشتغل بها المصريون فى الخارج أعمال مكتبية وتجارية وحرفية بسيطة ولا تصنع ثروة أو تحول فقيرا الى غنى أو ميسور الحال.
فالمصريون فى خارج أنفسهم بسطاء وقد لا يطاردون الأحلام الكبيرة والمغامرات ويكتفون بالنجاحات البسيطة وهم يحلمون بالعودة الى الوطن مهما طال بهم الزمن فى بلاد أخرى، فتكوين الثروات، وتحقيق الأحلام الكبيرة فى الخارج، وتجاوز أحلام العقلاء ليس على قائمة أهداف كثير من المصريين فى الخارج. وتظل أحلام العقلاء فى الأمان، والاستقرار، وتجاوز أعباء اليوم، والوفاء بالالتزامات والواجبات المالية الشخصية ونظيرتها تجاه الأسرة وتجاه الأقرباء من الدرجات المختلفة هى الأهداف الأكثر إلحاحا وأهمية عند غالبية المصريين فى الخارج.
فإذا كانت الحياة في البلد المضيف متقدمة، فقد يساعد هذا التقدم فى وضع مزيد من التحديات أمام المصريين وغير المصريين من المقيمين فى ذلك فى طريقهم إلى أهداف كبيرة ماديا أو حتى متوسطة، لشروط الخبرة والدراسة المتقدمة فى مجالات العمل المختلفة وضغوط الحياة والتزاماتها.
وإذا كان البلد المضيف ذا صعوبات مختلفة، فغالبا ما يكتنف تكوين الثروات مخاطر وصعوبات حياتية وتقلبات متواصلة لا يهزمها ويمسك بلجامها سوى قليلين من ذوى القدرات والخبرات الحياتية المميزة.
أما اللغات الأجنبية فيتغلب عليها كثير من المصريين بشكل سهل ومدهش – ولو كانوا متوسطى التعليم والخبرات – ويستطيعون التحدث بلكنة أهل البلد ودون لهجة معيبة أو منفرة. لذلك، يظل دخل معظم المصريين فى الخارج فى دائرة ذوي الدخول المحدودة التي قد لا تساعد إلا على تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة. وما زاد على الحد الأدنى للحياة الكريمة، فعن طريق كروت الائتمان والقروض البنكية الشخصية منخفضة المبالغ، مثل ثمن تذاكر الطيران ومصاريف مدارس الأولاد وتكاليف ملابس الشتاء وحالات الطوارئ الطبية. والبعض فى الخارج يعيش على الكفاف -كما يقولون- ويكتفى بأن يلتحف بالسمعة الرنانة اللامعة بأنه من الذين”يعيشون فى الخارج”، حتى أن تكلفة زيارة مصر كل عدة سنوات ترهق البعض ماديا وتضع الزيارة فى مرتبة متأخرة على قائمة الأولويات، وفى بعض الخارج أيضا لا يعرف أحد أحدا وقد لا يعبأ أحد لوجود أحد أو غيابه، بينما تيسر بعض الخدمات الاجتماعية للمقيمين مثلما هى ميسرة لأبناء البلد تماما مفلسين وأغنياء وعقلاء.
ماهر المهدى