أنقرة (زمان التركية) – يسلط معرض الصناعات الدفاعية الدولي، الذي أقيم بمدينة إسطنبول التركية في الفترة بين 25 و28 يوليو/ تموز هذا العام، الضوء على التطور السريع للصناعات الدفاعية التركية، وتأثيرها المحتمل على الصراع في الحرب الروسية الأوكرانية.
وشهد المعرض طرح كبرى الشركات الدفاعية التركية كشركات Aselsan وHavelsan وMKE لأحدث ابتكاراتهم في مجال الأسلحة وأجهزة الاستشعار.
تطور الصناعات الدفاعية التركية
في ظل الصراع الروسي الأوكراني القائم منذ فبراير/ شباط عام 2022، تتصاعد تساؤلات حول ما إن كانت الصناعات الدفاعية التركية وابتكاراتها الحديثة كاللغم البحري الموجه “UÇA” ستصبح عنصر محوري في الصراع الروسي الأوكراني، إذ أن التكلفة المتزايدة للصراع الروسي الأوكراني عززت اعتماد الجانبين على الدعم العسكري الخارجي.
روسيا، على سبيل المثال، لجأت إلى استخدام طائرة شاهد -136 المسيرة الإيرانية لاكتساب أفضلية في ساحة المعركة.
وفي المقابل تطالب أوكرانيا بتدفق ثابت للأسلحة والذخيرة للحفاظ على التقدم الذي أحرزته خلال الصراع مع روسيا.
هذه الشبكة المعقدة من التحالفات والتبعيات الدولية تطرح تساؤلات حول مدى استمرارية الصراع القائم والتداعيات الواسعة له في ظل إظهار تركيا موقف دبلوماسي متوازن وتعاملها بحذر في علاقاتها مع الجانبين.
لكن اعتماد تركيا على المؤسسات المالية التابعة للولايات المتحدة مثل البنك الدولي أثر على علاقاتها الوطيدة مع روسيا، إذ بدأت تركيا في الاقتراب أكثر من أوكرانيا في الصراع القائم للحصول على الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بجانب تمسكها بعدم الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم وإعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استحقاق أوكرانيا لعضوية الناتو.
عقب زيارة الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، إلى تركيا في الثامن من يوليو/ تموز أشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية في بيان إلى مخاطر التعاون المتزايد بين أنقرة وكييف في مجال الدفاع والتكنولوجيا، كما أصدرت الخارجية الروسية بيانا بهذا الصدد قبيل يوم من زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى موسكو نهاية أغسطس.
وتبدو روسيا وأوكرانيا غير مستعدين لخسارة الحرب، فبالنسبة للناتو والاتحاد الأوروبي الداعم لأوكرانيا بات يتوجب على أوكرانيا استعادة بعض من مناطقها المحتلة للحفاظ على النظام الدولي القائم على قواعد.
لذا فإن بعض القضايا التي لم يتم مناقشتها بداية الصراع كإمداد أوكرانيا بمقاتلات F 16 وصواريخ كروز بعيدة المدى أصبحت ممكنة اليوم.
وفي ظل تلك الأوضاع فإنه من المحتمل أن تحقق تركيا المتفاخرة بصناعات الدفاعية النامية تعاون عسكري وطيد مع أوكرانيا بالمستقبل القريب رغم رد الفعل الروسي وقد تصبح الصناعات الدفاعية التركية النامية بشكل سريع محورية في تغيير الموازين العسكرية.
وتعد أحد أولويات أوكرانيا بالوقت الراهن هو التصدي أو تقليص تأثير الحصار الذي تفرضه السفن الروسية على موانئها بالبحر الأسود.
وفي ظل الأوضاع الحالية تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في بناء القدرة البحرية على مواجهة البحرية الروسية في البحر الأسود بالوقت الراهن والمستقبل القريب.
في المقابل تحاول أوكرانيا منع أنشطة البحرية الروسية في البحر الأسود باستخدام أساليب غير متماثلة كمهاجمة السفن الروسية باستخدام سفن سطحية آلية.
إمكانيات اللغم البحري الموجه “UÇA”
في تلك الأثناء تبرز منظومة الألغام الهجومية التي طورتها شركة MKE التركية وتم عرضها في المعرض الدولي للصناعات الدفاعية كوسيلة لمساعي أوكرانيا لتقليص أنشطة السفن الروسية بالبحر الأسود.
خلال المعرض الدولي للصناعات الدفاعية لعام 2023 طرحت شركة MKE لغمها البحري الموجه UÇA – Uçan mayın الذي تم تصميمه لنشره عبر منصات جوية مختلفة كمقاتلات الاف 16 بجانب مقاتلات AKINCI وAKSUNGUR الضاربة.
هذا اللغم المتطور هو نتاج تعاون بين شركات MKE وTÜBİTAK-SAGE وKoç Savunma ويبلغ نطاقه 70 كيلومتر، فشركة MKE حولت قنابل MK-84 إلى لغم بحري متطور من خلال الدمج بين نظام التوجيه بمساعدة الجناح GÖKÇE وتكنولوجيا رصد أهداف متقدمة ووحدة تفجير ألغام متخصصة.
هذه الألغام ليست ألغام بحرية اعتيادية، فهي ألغام ذكية ومتطورة مزودة بأنظمة توجيه متخصصة وتكنولوجيا لرصد الأهداف وآليات تفجير متحكم بها. هذه الخصائص المتقدمة تجعل منها أسلحة محتملة ستغير قواعد اللعبة في الحرب البحرية.
دور تركيا في الصراع الروسية الأوكراني
إن باعت تركيا مسيرات AKSUNGUR أو AKINCI الضاربة إلى أوكرانيا فإنها قد تحدث تأثير كبير على الصراع الروسية الأوكرانية، فدمجها مع اللغم البحري الموجه “UÇA” قد يعرقل عمليات البحرية الروسية في البحر الأسود خصوصا أنها قد تمكن من تلغيم مخارج الموانئ المحورية كمينائي سيفاستوبول ونوفوروسيسك حيث تتمركز السفن الحربية والغواصات الروسية.
ومن المحتمل بشكل كبير أن تبتعد تركيا عن روسيا في ظل مساعيها لتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب الضغوط الاقتصادية، إلا أن مسار مستقل العلاقات الروسية التركية سيرتبط بشكل كبير بالتعاون الدفاعي بين تركيا وأوكرانيا ومبيعات الأسلحة اللاحقة التي قد تحدث.
وبالنظر إلى الإمكانات التي تتمتع بها التكنولوجيا المبتكرة كاللغم البحري الموجه “UÇA” فإن دور تركيا في الصراع الروسي الأوكراني قد يكون محوريا ومؤثر في التكتيكات العسكرية على الأرض وإعادة تشكيل التحالفات والجغرافيا السياسية في المنطقة.