بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)ــ نقصد هنا حالات الابتزاز التي يظن فيها المجرم المبتز أنه في مأمن من أن تقوم الضحية بالإبلاغ، وهناك سرعة في الوصول لرغبته أو هدفه، وذلك إما اعتمادًا على صغر سن الضحية وضعفها، أو لأنه يمسك على الضحية خطأ معين أو جريمة فعلتها ويهددها بفضحها إذا لم تستجب لابتزازه.
والحقيقة أن هذه الحالات ليست أشهر حالات الابتزاز وفقط ولكنها أيضًا أقسى حالاته وأصعبها إذا استشعرنا واقع الأمر بالفعل بعيدًا عن التنظير الذي لا علاقة له بالواقع، خاصة في الحالة الثانية التي يكون فيها الابتزاز بفضح الضحية أو التبليغ عنها لارتكابها فعل مُجرم، حيث تكون الشخصية محل الابتزاز هنا في معضلة حقيقية وحيرة كبيرة من أمرها في معرفة ما الذي يجب أن تفعله بالضبط.
ومثال الحالة الأولى التي فيها تكون الضحية صغيرة السن وليس لديها دراية كاملة بكيفية التصرف تجاه الأمر عندما تكون الضحية طالبة، فهذا النوع من قضايا الابتزاز كثير ومنتشر وله طابعة وخصوصيته التي يتميز بها عن باقي جرائم الابتزاز، ومن حالاته القضية التي انتشرت بدولة المغرب في شهر سبتمبر من عام 2021، حيث كان القضاء المغربي قد أصدر حكمًا بحبس أستاذ جامعي يدرس اللغة الإسبانية في مدرسة الملك فهد العليا في طنجة (شمال) عامًا، لإدانته بـ”التحرش الجنسي” بإحدى طالباته.
حسبما نشر في موقع (France 24) والذي يشير أيضًا أن هذه لم تكن الواقعة الوحيدة وإنما تعددت وقائع وفضائح هذا النوع من الجرائم فيما أطلق عليه البعض ( الجنس مقابل النقاط).
والحقيقة أن هذا النوع من الابتزاز ليس قاصرا وقوعه في دولة المغرب وإنما موجود أيضًا بمصر وفي في جميع البلدان بما فيهم الدول العربية في الجامعات والمدارس.
أما النوع الثاني من الجرائم التي يركز فيه المجرم على خطأ الضحية ويجعله ركيزة أساسية يرتكز عليها ليصل لمبتغاه سواء من أفعال غير أخلاقية أو أي شيء آخر يتحصل عليه من الضحية دون وجه حق، ومن الوقائع الكثيرة التي حدثت في هذا الإطار، ما نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ 16/5/2023 عنوان الواقعة طبيب يجبر النساء اللاتي يأتين له حوامل بطريقة غير شرعية ويردون القيام بعملية إجهاض على ممارسة الجنس معه إضافة إلى دفع مبالغ مالية مقابل إجراء عملية الإجهاض لهن.
وهناك أشكال أخرى من هذه الجرائم تنتشر في حالات الانفصال بين الأزواج وتدب الخلافات بينهم، وحيث يكون الزوج محتفظًا ببعض الصور الخاصة أو الفيديوهات التي أخذها لزوجته أثناء علاقة الزوجية، وفي هذه الحالة وعند انتهاء العلاقة يتخذ هذه المادة لابتزاز زوجته للتنازل عن بعض الحقوق أو القيام بأفعال معينة وإلا يقوم بفضحها ويقوم بنشر المادة التي يمتلكها ويفضحها.
ومن سلسلة الأنواع الأخرى للابتزاز التي فيها استخدم المجرمون خاصية الذكاء الاصطناعي، وفق ما نشرته جريدة اليوم السابع بتاريخ 15 أبريل من عام 2023، وكانت الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام مجموعة بتجميع مقاطع صوتية للضحية ومن ثم استنساخ صوتها ثم الاتصال بأم الطفلة الضحية على أنها هي التي تتحدث الأم، وكانت المكالمة عبارة عن استنجاد الطفلة بالأم وطلبها منها أن تنقذها ممن خطفوها، ثم تحدث أحد المجرمين طالبا مبلغ مليون دولار مقابل إطلاق سراح الطفلة البالغة من العمر خمسة عشر عامًا.
وقد بلغ الإتقان أقصى درجاته في القيام بالجريمة وإقناع الأم بأن الصوت الذي تحدث عبر الهاتف هو صوت ابنتها فعلًا، حتى أن الأم واسمها جينيفر ديستيفانو وهي تتحدث عن الواقعة لمحطة WKYT التلفزيونية المحلية، قالت إنني «لم أشك ولو لثانية واحدة في أنها ابنتي.. كان صوتها بالفعل».
الموضوع معقد وخطير للغاية ويحتاج من الجميع توخي الحذر، واتخاذ المواقف الإيجابية والفعالة حيال هذه الجرائم لإنقاذ الضحايا مما قد يصل إليه البعض من الذعر والخوف من إنهاء حياته، وفي نفس الوقت معاقبة المجرمين وتحقيق الردع العام .
أستأذن حضراتكم أن يكون موضوع المقال القادم عن مخاطر الذكاء الاصطناعي في إلصاق تُهم وجرائم لأشخاص زورًا.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي [email protected]