ماهر المهدي
(زمان التركية)- ربما كان كثيرون يعلقون آمالًا كبيرة على رحيل الجار الصعب ونهاية رحلته الطويلة في عنادهم وفي عناد الجميع -في الداخل وفي الخارج- لا ليرتاحوا قليلًا، ولكن ليتفرغوا لمواجهة الكابوس الآخر العائد من غياهب السنين وظلمات الذاكرة إلى مائدة الإفطار وإلى مائدة الغداء وإلى مائدة العشاء.
فقد امتدت رحلة الرجل الصعب بقدر تشقق صفحة وجهه وتعرج خطوط ملامحه وغوص عينيه الحادتين وغلظة قلبه وإحكام قبضة يده على مصالح الجيران الذين يحاولون التخلص منه والتملص من أحلامه في قهر بلادهم بموافقتهم وأمام أعينهم.
وكانت إطلالة الانتخابات إطلالة حب وسعادة وبارقة أمل تعلق بها الجيران ولكنها تلاشت أمام أعين الجميع مثلما ظهرت أمام الجميع وكأنها لم تكن، ليعم الظلام خارطة أفكار الجميع من جديد ويسقط في أيديهم. وبعد الإفاقة من الصدمة التعيسة، يظل السؤال القديم جالسًا في كبر وخيلاء وتحد إلى موائد الجميع. وقد سمح السؤال القديم لنفسه -دون إذن من أحد طبعًا- باصحطاب سؤال جديد إلى مائدة الجميع ليصبح السؤال سؤالين ملحين في ظروف عامة متصاعدة التحديات. والسؤالان هما:
ماذا سيفعل الرجل الصعب في مقبل الأيام وقد منحت له مباركة شعبية مجددة، رغم صعوبة طبعه وغرائب فكره وجرأته على الحقوق وعلى القواعد في الداخل وتعديه على الغير من الجيران الملاصقين ومن الجيران غير الملاصقين؟
وماذا يمكن أن يفعله من يريد التعاون مع الرجل الصعب وتجنب شره والإفلات من شراكه الكثيرة في ذات الوقت؟
لا شك أن الضغوط تعتصر قلوب وعقول الجيران وهم يحاولون البحث في لهاث وإرهاق عن وسيلة ناجعة للتعامل مع الجار المزعج الطامع فى الاستيلاء على ما في أيديهم وفي حصارهم بفكره القومي الشعبوي الديني.
والفكر القومي الشعبوي الديني يلقى صدى واضحًا -على ما يبدو- وينجح في تخدير أعصاب وضمائر أتباعه، ما دام الخيار بين اثنين: القيادة والفوز بكل شيء أو الانقياد وخسارة كل شيء. ويبقى الجميع في مأزق خطير يتحداهم لإظهار ما لديهم من فكر ومن شجاعة لإنقاذ حاضرهم ومستقبلهم بينما يرقص الرجل الصعب ويلقي النكات والاستخفاف على وجوه الذين يتحدونه.