أنقرة (زمان التركية) – تظهر نتائج الانتخابات البرلمانية فوز تحالف الجمهور الحاكم بغالبية البرلمان بعد قنصه 322 مقعدا من بينهم 267 مقعدا لحزب العدالة والتنمية و50 مقعدا لحزب الحركة القومية و5 مقاعد لحزب الرفاه من جديد.
وكان البرلمان يتمتع بصلاحية تشريع القوانين في ظل النظام البرلماني، غير أنه في ظل النظام الرئاسي المطبق منذ عام 2018 بات الرئيس يتمتع بإمكانية إصدار مراسيم بمثابة قوانين، استنادا على الصلاحية التي يمنحها له الدستور.
ولكن هل سيتعطل النظام السياسي في حال فوز المعارضة بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية؟ وهل ستؤثر هذه الاحتمالية على سلوك الناخبين؟ وهل ستصعب هذه الاحتمالية اكتساب تحالف الشعب المعارض أصواتا لصالح مرشحه كمال كيليجدار أوغلو؟
في حديثه مع موقع بي بي سي في نسخته التركية أفاد عضو هيئة التدريس بجامعة بيلجي، إمرة أردوغان، أن تركيا لن تواجه مأزقا سياسيا في حال اختلاف التحالفات الفائزة بغالبية البرلمان ومقعد الرئاسة، قائلا: “هذا ليس نظام برلماني معتاد، ففي هذه الحال كان الوضع ليكون صعبا مثلما شاهدنا في السابق. في النظام البرلماني كان اختلاف الأحزاب التي ينتمي لها الرئيس ورئيس الوزراء يثير صراعات، لكن صلاحية البرلمان الحالي محدودة”.
وأوضح أردوغان أن النظام الحالي نظام يمنح صلاحيات مفرطة للرئيس قائلا: “الرئيس هو من يختار الوزراء بشكل مباشر وليس هناك تصويت على سحب الثقة ويمكنه عرقلة بعض القوانين من خلال مراسيم بمقام قوانين. يمكنه أيضا رفض الموازنة. أي أنه لا يوجد قيود كما هو الوضع في الولايات المتحدة لهذا لست متأكدا من مدى ما يمكن للبرلمان عرقلته. أي أنه يمكن إدارة هذا البلد بدون برلمان”.
وأضاف أردوغان أن بعض الأزمات الرمزية قد تندلع في ظل هذا الوضع وقد يتم اتخاذ قرارات مغايرة في بعض القضايا المصيرية قائلا: “أعتقد أنه سيكون هناك انفصال بالأحزاب البرلمانية، فتحالف الجمهور الحاكم قد يقترب هذه المرة من 360 مقعد وهو ما قد يعقد بعض التغييرات، لكن المسودة الدستورية تنص على كون الرئيس صاحب الكلمة النهائية”.
من جانبه أكد أستاذ علم السياسة، علي شارك أوغلو، في حديثه مع بي بي سي بنسختها التركية أنه لا يتوقع أن يميل جزء ملحوظ من ناخبي أردوغان أو سنان أوغان إلى كيليجدار أوغلو قائلا: “ناخبو سنان أوغان كانوا ليمنحوا أصواتهم إلى كيليجدار أوغلو بالجولة الأولى عوضا عن منحها لمرشح كان الجميع يدرك خسارته”.
وذكر شارك أوغلو أنه يتوجب على كيليجدار أوغلو خلال الجولة الثانية اكتساب تلك الأصوات والمحافظة في الوقت نفسه على أصوات ناخبية وهو ما يجعل احتمالية فوزه منخفضة.
وأشار شارك أوغلو إلى حديث بعض ناخبي الشعب الجمهوري عن مقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات قائلا: “هناك خيبة أمل كبيرة نتيجة لتوقعات مبالغ فيها. الكثير اعتقدوا أن كيليجدار أوغلو سيحسمها من الجولة الأولى، لكن لابد من إعادة النظر في واقع الدولة”.
في المقابل أكد أردوغان أن أيدولوجية ناخبي سنان أوغان مجهولة ولم يتم إجراء دراسة بارزة لهذا الأمر قائلا: “ليس معروف خلفيتهم الأيدولوجية ولا فئتهم العمرية وما إن كانوا ينتمون للتيار اليميني أم اليساري وما إن كانوا من سكان الحضر أم القرى. هناك فراغ في هذا الأمر، فعلى الأقل كان لدينا بعض المعلومات فيما يتعلق بمحرم إنجه وأنصاره”.
وصرح أردوغان أن من ينتمون مثله للتيار القومي ومن يعارضون وجود اللاجئين لكونهم جزء من تحالف الأجداد ويوافقونه الموقف تجاه القضية الكردية قد يصوتون لأوغان قائلا: “لهذا أرى أن أردوغان قد يتمتع بأفضلية في الجولة الثانية، لكن تشاور أوغان مع أحد التحالفات واتفاقه معها لا يعني تأييد ناخبيه لذلك التحالف. جزء من الناخبين قد يكونوا قوميين تقليديين وهناك احتمالية كبيرة أن يكون جزء منهم رجعيون، لأنهم كانوا ناخبين لمحرم إنجه ومن الممكن أن أوغان جذب جزء منهم بعدما انسحب محرم إنجه. من الممكن أنهم الناخبون الذين سئموا من السياسة القذرة الذين رصدناهم بكثرة لدى محرم إنجه. الشعب الجمهوري أو العدالة والتنمية أو الشعوب الديمقراطي أو الحزب الديمقراطي القومي قد يوجهون ناخبيهم إلى وجهة ما، لكن لا شيء يضمن اتجاه الخمسة في المئة التي حصل عليها أوغان سنان إلى حيث سيدعم الأخير”.
وذكر أردوغان أن القاعدة القومية والسورية والمعادية للأكراد تدعم تحالف الجمهور الحاكم غير أن تلك القاعدة تضم أيضا ناخبين معادين لأردوغان منحوا أصواتهم لصالح سنان أوغان وأن تحالف الشعب المعارض قد يواجه صعوبة في اكتساب ناخبي أوغان بسبب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي قائلا: “في الواقع تحالف الشعب يرغب في إنهاء علاقته بالحزب الكردي، لكنهم لن يستطيعوا إقناع أحد بهذا. قد يعلن إنهائه علاقته بالحزب الكردي وهذا سيستوجب تحملهم للخطابات المعادية للحزب الكردي. هناك أيضا مطالب منصب نائب الرئيس وإشراك شخصية معادية للأكراد ضمن التشكيل الوزاري. هذا قد يدفع الأكراد إلى مقاطعة الانتخابات وفي هذه الحالة حُسمت الانتخابات لصالح أردوغان”.
من جانبه يرى شارك أوغلو أن المعارضة أجرت حملة انتخابية غير مقنعة خلال فترة الانتخابات وأنه قد نشهد تغييرا خلال الجولة الثانية غير أنه يتوجب عليها في الوقت نفسه قراءة نتائج الجولة الأولى بشكل صحيح قائلا: “تفكيك الطاولة وإعادة تشكيلها ليست مشكلات بسيطة سيتقبلها الناخبون بسهولة. هذا سيعطي انطباع أنهم يفتقرون للمصداقية، فلو كان الناخبون يثقون بالفعل لارتفعت أصوات حزب الخير ولأرتفع معها أصوات كيليجدار أوغلو”.
وأضاف شارك أوغلو أن أجندة تحالف الشعب المعارض استندت على النظام البرلماني المعزز والديمقراطية وعقب تفكك الطاولة السداسية تم تجاهل تلك الأجندة قائلا: “لم يطرحوا وزير للعدل وفرق للسياسة الاقتصادية. في المقابل هناك أردوغان ووزرائه وهؤلاء يراهم الشعب. لو كانوا فعلوا هذا لاختلف الوضع كثيرا. فشلوا في جذب الناخبين من خارج قاعدتهم. ومن الصعب تحقيق ما لم يتم تحقيق طوال الفترة السابقة خلال الأسبوعين القادمين. بالتأكيد تحالف الشعب سيجري حملة انتخابية، لكن لست متأكدا ما إن كانت ستشهد الحماس نفسه”.
وأضاف شارك أوغلو أن استمرار تماسك التحالف قد يشكل قوة غير أنه سيكون من الصعب إبراز هذا الأمر على أنه نجاح قائلا: “لو صنفتهم هذا الأمر كنجاح لكنتم ألقيتم الكلمة من الشرفة عشية الانتخابات، لكن تخلفتم بواقع 3 -4 في المئة وهو ما لم يمنحكم الفرصة”.
في المقابل أكد أردوغان هناك اعياء واستياء واضح لدى تحالف الشعب وأن يتوجب على التحالف استعادة الأمل والطاقة التي قد تدفعا الناخب للتصويت قائلا: “الجميع يتحدث على كون 49.5 في المئة التي حصل عليها أردوغان قريبة من 50 في المئة. هذا قد يؤدي إلى هروب ناخبي تحالف الشعب”.
وأشار أردوغان إلى بلوغ نسبة المشاركة 87 في المئة قائلا: ” وبالتالي يتوجب دفع الناخبين المقاطعين للمشاركة. سيستوجب هذا إظهار أن الأمل قائم وأن التصويت مهم. اليأس كالوباء ينتشر بشكل سريع. قد يرون أن أصواتهم لن تؤثر، لكن لا بد من إبراز أن أصواتهم مؤثرة بالفعل وأن ما سيتم اكتسابه في النظام الرئاسي كثير. لابد من إبراز هذا. خسارة البرلمان ليست مهمة، لكن الآليات التي يمكنهم إيجادها والطرق التي سيلجؤون إليها ليس بالأمر الهين. لابد من مخططات جاهزة”.