أنقرة (زمان التركية) – فشل كل من تحالف الجمهور الحاكم وتحالف الشعب المعارض في حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى لتصبح تركيا على موعدا مع جولة ثانية في الثامن عشر من الشهر الجاري وذلك بعدما فشل جميع المرشحين في تحقيق شرط 50%+1 من الأصوات لحسم الانتخابات من الجولة الأولى.
وفي تعليق منه على النتائج غير الرسمية أفاد جيهان توغال، عضو هيئة التدريس بجامعة بيركلي الأمريكية، أن المعارضة لم تتمكن من تحقيق الفارق المنشود وأن عدم انعكاس مكاسب اليمين المتطرف على استطلاعات لعب دورا في هذا الأمر.
وفي حديثه مع بي بي سي في نسختها التركية أسرد توغال أسباب فشل الاستراتيجية الانتخابية للمعارضة على النحو التالي: “إن نظرنا إلى الخطابات الأخيرة ولا أقصد بها خطابات السياسيين نرى أن جزء من الأكاديميين والصحفيين المعارضين يتحدثون عن تقدم كيليجدار أوغلو بفارق كبير بلغ نحو 5 في المئة. ندرك أن هذا التوقع غير واقعي وأن هناك خطا كبير ارتكب بهذا الصدد ومن المحتمل أنهم أخطأوا في قراءة النتائج. لا يمكن القول إن المعارضة فازت أو خسرت، لكن نرى مبالغة في الخطوة التي ستتخذها المعارضة.
القضية لا تتعلق بتركيا، فقد تم ارتكاب هذا الخطأ في كل من البرازيل والمجر وأمريكا بسبب الموازين الداخلية. مكاسب اليمين المتطرف لم تنعكس على استطلاعات الرأي في الدول الأربعة، لكنها انعكست على صناديق الاقتراع. نرى أن جزء من كتلة الناخبين اليمينية المتطرفة شعرت بالحرج خلال استطلاعات الرأي ولم تتمكن من التمسك بموقفها، لكنها دعمت اليمين المتطرف. وهذا وضع شائع في هذه الدول.
التحالف السداسي كيان حزبي يتزعمه الشعب الجمهوري، لكن إن سألنا عن الرؤية التي تقود التحالف فسنرى أن رؤى داود أوغلو وباباجان هي ما يُدير التحالف السداسي. نسب أصوات أحزاب داود أوغلو وباباجان منخفضة، لكن رؤياها تسيطر على التحالف السداسي.
كلاهما يرى أن هناك توجه دائما للتيار اليميني ويسعون لاكتساب بعض هؤلاء الناخبين من خلال التقرب قليلا من التيار اليمين، لكن الأمور لا تتم هكذا، فالفراغ المركزي لا يزال قائما.
في المقابل يواصل التيار اليساري خسارة ناخبيه لعدم تطويره استراتيجيه، فجميع آمال فئة العمال بدأت تُزهر باليمين المتطرف مثلما شاهدنا في نموذج حزب الرفاه من جديد.
رد الفعل الذي قد ينبع من التيار اليساري تجاه الفراغ المركزي ينبع من التيار اليميني بسبب الأخطاء الاستراتيجية للتيار اليساري.
المعارضة طالبت بأصوات الأكراد قبل أسبوعين أو ثلاثة من الانتخابات. الأكراد واليساري الاشتراكي سيمنحونها تلك الأصوات، لأنه عاجزون، فتركيا أما سُتدار بالتيار اليميني بقيادة الشعب الجمهوري أو بالتيار اليميني المتطرف.
الخطأ المرتكب هنا ليس المطالبة بأصوات الأكراد بل الانتظار حتى اللحظات الأخيرة، فإن ظللت لسنوات تقصي الأكراد وتدعم العمليات العسكرية على الحدود وبالتالي تدعم القومية داخل البلاد وتتجاهل اعتقال السياسيين الأكراد بل وتدعمه من ثم تطالب بأصوات الأكراد في اللحظات الأخيرة فإن الأمر سيثير التيار القومي ضدك.
إن اتخذ كيليجدار أوغلو موقف قومي مفاجئ هل سيحظى بدعم الأكراد هذه المرة؟ هل قد تتغير الموازين بسرعة؟ يستحيل توقع ما ستؤول إليه الأمور، لكن الوضع الحالي يشير إلى أن هذه الموازين لن تتغير دون خلق سبيل جديد لفئة العمال وبدون التصدي لتلك القومية.
سيرحل سنان أوغان ويأتي شخص آخر وإن لم يقلب موازين هذه الانتخابات فإنه سيقلب موازين الانتخابات القادمة. لنقل إن التحالف السداسي بلغ سدة الحكم. الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فمن هم على شاكلة سنان أوغان سيدمرون التحالف السداسي من داخل حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
حزب الخير دائما ما يهدد التحالف السداسي بالانسحاب في حال تقديم تنازلات إلى الأكراد. لابد من تغيير عام في المنظور يمكنه التعامل مع كل هذه الأمور. بالتأكيد هذا لن يتحقق بإعلانه قبول الأكراد بعد الآن، لأن الانفتاح على الأكراد سيفقد الشعب الجمهوري الكثير من الناخبين. على الشعب الجمهوري إيجاد طريق للفوز بهؤلاء الناخبين بسبل أخرى”.