(زمان التركية)ــ يبدو أن تركيا تتجه نحو جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، حيث يتصدر رجب طيب أردوغان ومنافسه المعارض كمال كيليجدار أوغلو، ومع ذلك تعترف المصادر في كلا المعسكرين أنها قد لا يتخطيان عتبة الـ 50٪ للفوز بشكل مباشر.
وبينما وضعت النتائج المبكرة أردوغان في المقدمة بشكل مريح، ولكن مع استمرار الفرز تآكلت فرص فوزه بالإلبية، والواضح أن كلا الجانبان لا يعترف بإحصاء الطرف الآخر، ولم يتم الإعلان عن نتيجة رسمية، ولكن في وقت سابق اليوم صرح عمدة أنقرة المعارض منصور يافاش إن إحصاء أجراه حزبه يشير إلى تقدم كيليجدار أوغلو بنسبة 47.42٪ بينما حصل أردوغان على 46.48٪ .
وقد أعطت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات كيليجدار أوغلو، الذي يرأس تحالفًا من ستة أحزاب تقدمًا طفيفًا حيث أظهر استطلاعان للرأي يوم الجمعة أنه يتجاوز عتبة 50٪ .
والجدير بالذكر أن مسؤول كبير من تحالف المعارضة طلب عدم نشر اسمه صرح لوكالة الـ سي إن بي سي الأمريكية، قائلا “يبدو أنه لن يكون هناك فائز في الجولة الأولى، لكن بياناتنا تشير إلى أن كيليجدار أوغلو سيفوز ” .
أما على الجانب الآخر فنقلا عن أرقام من وكالة الأناضول المملوكة للدولة، فقد صرحت وسائل إعلام تركية إنه مع فرز ما يقرب من 75٪ من صناديق الاقتراع، حصل أردوغان على 50.83٪ وكيليجدار أوغلو 43.36٪ .
التصويت يوم الأحد هو واحد من أكثر الانتخابات أهمية في تاريخ البلاد الممتد 100 عام، وهي منافسة يمكن أن تنهي حكم أردوغان المستبد لمدة 20 عامًا وتتردد صداها خارج حدود تركيا، حيث ستحدد الانتخابات الرئاسية ليس فقط من يقود تركيا، ولكن أيضًا كيفسيكون نظام الحكم،وإلى أين سيتجه الاقتصاد وسط أزمة غلاء معيشية، كما سيحدد شكل سياسة تركيا الخارجية.
وتجري مراقبة الانتخابات البرلمانية باهتمام في العواصم الغربية والشرق الأوسط وحلف شمال الأطلسي وموسكو، فهزيمة أردوغان من المرجح أن تزعج الكرملين لكنها ستريح إدارة بايدن، وكذلك العديد من قادة أوروبا والشرق الأوسط الذين عانوامن علاقات مضطربة مع أردوغان، الذي حول تركيا إلى لاعب إقليمي، وقام بتحديث تركيا من خلال المشاريع العملاقة مثل الجسور والمستشفيات والمطارات الجديدة، وبنى صناعة عسكرية تسعى إليها الدول الأجنبية، لكن ومن جهة أخرى فإن سياسته الاقتصادية المتقلبة المتمثلة في انخفاض أسعار الفائدة والتي أدت إلى أزمة تكاليف المعيشة المتصاعدة والتضخم، تركته فريسة لغضب الناخبين، وزاد رد فعل حكومته البطيء على الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا وأودى بحياة 50 ألف شخص، من استياء الناخبين.
بينما تعهد كيليتشدارأوغلو من طرفه بوضع تركيا على مسار جديد من خلال إحياء الديمقراطية بعد سنوات من قمع الدولة، والعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية، وتمكين المؤسسات التي فقدت الحكم الذاتي في ظل قبضة أردوغان القوية وإعادة بناء العلاقات الهشة مع الغرب، ويمكن الإفراج عن آلاف السجناء والنشطاء السياسيين، بمن فيهم أسماء رفيعة المستوى مثل الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش، ورجل الأعمال عثمان كافالا، إذا انتصرت المعارضة.
السياسة المستقطبة
أما عن الناخبين فقد صرح أحمد كالكان 64 عاماً، وهو يصوت في إسطنبول لصالح كيليجدار أوغلو قائلا “أرى هذه الانتخابات كخيار بين الديمقراطية والديكتاتورية”، مرددًا صدى المنتقدين الذين يخشون أن يحكم أردوغان بشكل استبدادي أكثر من أي وقت مضى إذا فاز.
وأضاف كالكان، وهو موظف متقاعد في القطاع الصحي: “اخترت الديمقراطية وآمل أن تختار بلدي الديمقراطية”، ويوضح محمد عاكف كهرمان، الذي يصوت أيضًا في اسطنبول كيف أن الرئيس لا يزال يحظى بالدعم، وقال إن أردوغان لا يزال يمثل المستقبل حتى بعد عقدين في السلطة مضيفا : “إن شاء الله، ستكون تركيا زعيمة عالمية “.
ولكن على الجانب الأخر يتم التصويت البرلماني وهو سباق بين تحالف الشعب الذي يتألف من حزب أردوغان ذي الجذور الإسلامية (AKP) وحزب الحركة القومية القومي وآخرين، وتحالف الأمة بقيادة كيليتشدار أوغلو المكون من ستة أحزاب معارضة، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري العلماني (CHP) الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك.
وعن نتيجة الانتخابات البرلمانية فمع فرز 62٪ من صناديق الاقتراع، وبحسب ما أعلن موقع HaberTurk فإن تحالف أردوغان بنسبة 52٪ وتحالف المعارضة بنسبة 33٪ في التصويت البرلماني.
التغيير أو الاستمرارية
لقد أوقف أردوغان الخطيب القوي والناشط البارز كل ما في وسعه خلال حملته الانتخابية، إنه يحظى بولاء شرس من الأتراك الذين شعروا ذات مرة بأنهم محرومون من حقوقهم في تركيا العلمانية ونجت حياته السياسية من العديد من فضائح الفساد، ومع ذلك إذا أطاح الأتراك بأردوغان فسيكون ذلك إلى حد كبير لأنهم رأوا ازدهارهم وقدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية تتراجع مع التضخم الذي تجاوز 85٪ في أكتوبر 2022 وانهيار الليرة.
كما سيطر أردوغان بشدة على معظم مؤسسات تركيا وهشَّش الليبراليين والنقاد، وكما رصدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي 2022 إن حكومة أردوغان تسببت في تراجع سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان لعقود.
والجدير أيضا بالذكر هنا أن الناخبون الأكراد والذين يمثلون 15-20٪ من الناخبين سيلعبون دورًا حيويًا، ومن غير المرجح أن يحصل تحالف الأمة على أغلبية برلمانية بمفرده، وبينما حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءًا من تحالف المعارضة الرئيسي، لكنه يعارض بشدة أردوغان خاصة بعد حملة قمع شنها ضد أعضائه في السنوات الأخيرة.