محمد كاميش
وأخيرا أعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن السبب الذي حال دون مواكبة تركيا للحضارات المعاصرة.
فإذا بالسبب الوحيد في ذلك هو عدم وجود رئيس مطلق الصلاحيات في تركيا بحيث لا يتعرض للتحقيق أو المساءلة. وهذا تصريح في غاية الأهمية لأنه يوضح سبب مشكلتنا في عدم مواكبة الحضارة المعاصرة منذ أكثر من مئتي عام. وثمة شيئ وحيد يجب أن نفعله كدولة بعد الآن وهو أن نترك العلم والتكنولوجيا والتصدير والصناعة والأدب والشعر ومواقع التواصل الاجتماعي والصحافة والقراءة والكتابة وكل شيئ ونجعل أردوغان المفوض الوحيد في كل المجالات بصفته رئيسا للبلاد. فقد أصبح من واجبنا أن نمنح رئيسنا كل الصلاحيات التي يطلبها فورا لننتظر وصولنا إلى مصاف الحضارات المعاصرة. إذن علينا أن ننتظر ونحن مرتاحو البال نظرا لأن كل ما فعله رجب طيب أردوغان حتى الآن كان ضمانا لما وعد بفعله. فكل المشاكل ستنتهي تماما بمجرد أن يصبح رجب طيب أردوغان رئيسا. لاتعيروا اهتماما إلى ما قاله متسائلا:
“النظام الرئاسي يوجد في أمريكا أيضا ، فلماذا لايكون هذا النظام مثل النظام الملكي هناك ولماذا تخافون من تحوله إلى الملكية عندنا”؟ لأن النظام الرئاسي مثلما هو في أمريكا لا يناسبنا ولا يكون مجديا وكافيا في بلادنا! فنحن بحاجة إلى نظام رئاسي من شأنه أن يوصلنا إلى مستوى الحضارات المعاصرة!
على سبيل المثال رئيسنا يجب أن يكون له حق وصلاحية حتى يستطيع منح الأراضي التي تعجبه أثناء تجوله بسيارته الفخمة في أية مدينة من المدن إلى وقف خدمة الشباب والتعليم TÜRGEV المقرب منه والذي يقوم على إدارته ابنه بلال بعد طرد من عليها!
نعم هو يفعل ذلك الآن أيضا ولكن بعض وسائل الإعلام تأتي على ذكر هذه التصرفات التي لا داعي لتشغيل عقول الناس بها بلا لزوم ولا فائدة! وهذا يضيع الوقت هباء ويشكل عائقا أمام تركيا لتصبح في مستوى الحضارة المعاصرة! كما يجب أن يُمنح الإعلام الحر – الذي لاحاجة له أصلا – لوقف خدمة الشباب والتعليم أو لأحد الأصهار! ولذلك يجب أن تكون له صلاحيات رئيس مقتدر ليتمكن من فعل ذلك فورا دون ضياع أي وقت!
فعلى سبيل المثال أيضا تُوفي 300 عامل في منجم سوما، إنه قدر ما كنا لا نريد أن يحدث ذلك، ولكنه حدث. أما النقاشات حول الموضوع وادعاء أن الحكومة هي المسؤولة وثمة إهمال وليست هناك رقابة والحكومة لم تكن على قدر المسؤولية.. أفليس كل ذلك نقاشات لاداعي لها ولافائدة منها بل تشكل عائقا أمام تطور الدولة ووصولها إلى مستوى الحضارة المعاصرة!؟ أليس من الطبيعي أن نضحي بهذه الأرواح حتى نتمكن من الوصول إلى الحضارة المعاصرة. فلو كانت لسيادته القدر الكافي من الصلاحيات لأنهى النقاشات وكأنه يضغط على زر أمامه ولأمر بإخراج الجثث من هناك ودفنها دون إثارة أية ضجة ومتابعة العمل في ذلك المنجم في اليوم التالي من خلال ما تبقى من العمال على قيد الحياة ودون أن يتوقف الإنتاج وكأنه لم يحدث شيء!
وإن بعض القضايا الجنائية مثل قتل علي إسماعيل كوركماز وأدهم صاريسولوك استنزفت طاقة تركيا كثيرا(!) ولو كانت له صلاحية الرئيس لكان استطاع أن يقول: “ماذا علينا إذ مات هؤلاء فهل يجب أن نموت معهم؟ فإنما عاقبهم بعض الناس لأنهم ارتكبوا جريمة بمعارضتي. فما الداعي لتكرار الحديث في هذه المسألة” مرارا وتكرارا وماذا يفيدنا!؟ وهل معاقبة هؤلاء القتلة يسرِّع من مواكبة دولتنا للحضارات المعاصرة؟ بالطبع لا! فإن لم يكن انشغال شعبنا بهذه المسألة عبثا فما هو إذن؟!
أما كان من الأفضل والمفيد لبلادنا لو تفكر الرئيس في المساحات الخضراء التي يجب فتحها للإعمار والبناء بدلا من استنزاف طاقاته بالإنشغال بمثل هذه المواضيع التافهة؟!
إننا نتناقش في المئات من مثل هذه المسائل يوميا، حيث نتساءل أيهما الأفضل ياترى؟ وينجم عن ذلك استنزاف الطاقة. ولو أننا منحنا كل الصلاحيات للسيد رجب طيب أردوغان ونفذنا كل ما يقوله لما أضعنا الوقت في النقاشات، أليس كذلك؟!
فعلى سبيل المثال ثمة الكثير من المحاكمات في المحاكم ما يؤدي إلى استنزاف الطاقة واستخدام القضاة والمدعين العموم بدفع مرتبات لهم بمبالغ مالية كبيرة. ولو أننا بدلا عن ذلك سألنا الرئيس عن رأيه في ذلك كله ونفذنا كل القرارت الفورية التي سيتخذها لكنا قد أسرعنا في خطانا لتصبح دولتنا دولةً معاصرة. أليس كذلك؟!
وإذا لم تكن الحقوق والقوانين وما إلى ذلك استنزافا للطاقة أمام بناء الدولة المعاصرة فما هي إذن؟! فلنمنح الصلاحيات للرئيس ليصدر قرارات بمفرده حول كل ما هب ودب في هذا البلد بما فيه انتخاب أعضاء البرلمان والمدراء العموم ورئيس نادي بشيكتاش الرياضي ورئيس حي صاريكوي وأعضاء اللجان الإدارية في الأحياء والقرى.
فالمسألة هي الوصول إلى مستوى الحضارات المعاصرة.