بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)_ زعيم في الخامسة والثلاثين وزعيم في السبعين، والاثنان يقفزان من مقاعد الراحة النسبية ومن مجالين لا علاقة لهما بعمل قيادي من أي نوع إلى مقاعد الزعامة، في قفزة واحدة ضخمة ومفاجئة -للرجلين وللغير- وغير معتادة، فهل ينجح الزعيمان غير المعتادين في رحلة الزعامة والقيادة؟
من زاوية ما قد تبدو رحلة الزعيمين الجديدين في عالم الزعامة كمغامرة شخص فاز برحلة من نوع خاص في محل كبير للعب والبضائع من كل صنف ونوع.
الأشخاص يتفاوتون في قدراتهم وذكائهم. ولا غبار على المرء ولا على تفكيره ولا على تصرفاته، إلا في حدود ذكاء وخبرة الرجل المعتاد في السن المناظرة، وإلا كيلت إليه التهم وأعتبر جدير غبر بحق المحاولة. فحق المحاولة نعطيه لمن نتوسم فيه القدرة على التعلم وعلى تدارك الأخطاء والقدرة على العمل على تفادى الأخطار والسعي إلى تطوير الذات واستيعاب المخاطر وتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب. وفي إطار المغامرة أو الرحلة العجيبة المثيرة التي يرقبها الجميع من كل حدب وصوب، يتوقع الجمبع من المغامر الشاطر أن يستمتع بكل الألعاب المتوفرة في المحل بلا حظر ولا قيد -إلا بقدر ما قد يضره أو يسبب خسارة أو خسائر كبيرة وغير مبررة فى المحل- وأن يأكل ما شاء وأن يشرب ما شاء من مقتنيات المحل الضخم، وأن يصرف وأن يمنح وأن يمنع وأن يرسل وأن يستقبل وأن يعقد الشراكات ويفضها وأن يتدخل في كل شيء كيفما شاء، ولكن مع مراعاة مصالح المحل ومصالح أهله ودون تبذير ودون إهدار ودون تجاوز للحدود المعروفة.
مغامر محظوظ -في الغالب- إذا استطاع الحفاظ على رباطة جأشه ولم تذهب المفاجأة السارة بعقله واستطاع -ولو بعد فترة- تمالك نفسه ومنعها من الانزلاق وراء الأفكار ذات الطبيعة البطولية وذات الطبيعة المسرحية والمغامرة التي قد تصلح لجلسات الأصدقاء وشلة النادي. مغامر محظوظ ربما إذا استطاع تطوير خطابه الأصلي كمسؤول يعى حساسية موقعه ويدرك حجم مسؤولياته وخطورة قراراته واختياراته حتى ولو كان وصوله إلى ذلك الموقع مكافأة أكبر مما كان يتوقع أو أكبر مما كان يستحق فعلًا. ومغامر تعيس فى محل شيء الحظ، إذا ما تكاثرت الأمور والأحداث والمواقف عليه وتتبع المغامر أهواءه وفشل في جمع شتات نفسه ولم يسمع إلى من نصحه وافتلتت الأمور من يده. ولكن صاحب المغامرة يظل في النهاية مغامرًا ويظل محظوظًا وصاحب رحلة مبهرة ولم تكن تخطر له على بال ولا تخطر على بال أكثر الناس بالطبع .