هيثم السحماوي
(زمان التركية)- استكمل الحديث في هذا الموضوع بالغ الحساسية و شديد التعقيد والخطير للغاية، ووفقًا لإحصائيات قامت بها منظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF فإن حوالي 15 مليون فتاة مراهقة من مختلف دول العالم، ممن تتراوح أعمارهنّ بين 15 و19 عامًا تعرضن لممارسة الجماع قسرًا أو سوى ذلك من الأفعال الجنسية القسرية في حياتهن.
وبين المراهقات ممن تعرضن للعنف الجنسي، نسبة 1 في المئة فقط منهن قالت إنّهن سَعَينَ للحصول على مساعدة المختصين.
وفي البلدان الـ 28 التي تتوفّر بيانات حولها، ذكَرَت 90 في المائة من المراهقات اللائي تعرّضن للجنس القسري، كمعدّل وسطي، إنّ الجاني الأول هو شخصٌ يعرفنَه. وتكشف البيانات المستقاة من ستة بلدان أنّ الأصدقاء وزملاء الدراسة والشركاء كانوا من بين أكثر الجناة المذكورين ممارسةً للعنف الجنسي ضد المراهقين الصبيان.
وفي هذا الموضوع تُثار مسألة يطرحها البعض وهي الفرق ما بين البيدوفيليا كخلل نفسي وبين كونها جريمة اعتداء جنسي، فتقول السيدة مارجو كابلن، أستاذة القانون بجامعة روتجرز الأمريكية، أن هناك فرقًا بين البيدوفيليا بتعريفها كخلل نفسي وسلوكي، وبين ربطها بالاعتداء الجنسي على الأطفال كجريمة، ففي وجهة نظرها، هناك العديد من مُشتهي الأطفال جنسيًا، لا يتصرفون وفق إثارتهم الجنسية تلك.
وفي وجهة نظري لا أجد هذا الفرق حقيقا في الواقع فمن لديه هذا (المرض النفسي) فكلما سنحت له الفرصة الأمنة قدر الامكان بممارسة هذا الفعل فهو يأتيه، لأن الكثير من الابحاث في هذا الموضوع تقول أن شهوتهم الحقيقية لا تتحقق الا من خلال ذلك، حيث قال الدكتور جيمس كانتور (James Cantor) الأستاذ المشارك في قسم الطب النفسي بجامعة تورنتو الكندية، أن مُصابوا البيدوفيليا لا يجدوا الرضا في العلاقة الجنسية مع البالغين وقد يكون لديهم تقدير منخفض لذاتهم لأن الانجذاب الجنسي تجاه الأطفال يهيمن على حياتهم بطريقة أو بأخرى “.
وبالتالي فاالحل دائما لمن لديه هذا المرض هو أن يعالج نفسه ليتحول الى شخص طبيعي.
ومن الجدير بالإشارة هنا أن هذا الموضوع من الموضوعات التي مهما كانت دقة الإحصائيات المتعلقة به، فتبقى غير شاملة وغير دقيقة علي الاطلاق، لأن ضحايا هذا الفعل الحقيقون لم يتم الوصول إليهم جميعا أوعلي حتى علي نسبة كبيرة منهم، وإنما الذي تعتمد الاحصائيات والتقارير عليهم هي نسبة ضئيلة وضعيفة للغاية، لأن من لديه هذه الميول فيكون الشرط الأول لاختياره ضحيته في أغلب الأحيان ليمارس الفعل معها أو معه هو الامان وعدم الافصاح عنه وفضحه، ويتم ذلك عن طريق الإغراءات واستمالة الاطفال بكل السُبل، هذا من جانب ومن جانب أخر أن من يقومون بهذا الفعل وفقا للكثير من أراء الخبراء والمختصين في المجال في أغلب الأحيان يكونوا من الأقارب وممن يثق الطفل بهم .من ذلك ما أشار اليه المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث إلى أن ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم يتم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين .
وتشير دراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة «فاتن عبد الرحمن الطنباري» -أستاذة الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس-إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 35% من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية.
ومن الوقائع التي عرفتها وتأثرت بها كثيرا، أتذكر منذ حوالي عام اتصلت بي أحدي الصديقات وهي طبيبة تقص علي مشكلة كبيرة تعرضت لها أنتهت بها إلى الإنفصال عن زوجها- هي طبيبة متزوجة من طبيب ولديهم طفلتين واحده في عمر السابعه والاخري في عمر الحادية عشر-
واكتشفت بالصدفة أن الأب يتحرش بهم، فورا عندما علمت أبلغت النيابة، التي تولت بالتحقيق معها والاب والطفلتين، وانتهى الموضوع بالإنكار التام من الأب بما حدث، وطلاقها، وحتى يثبت صحة موقفه قام بالزواج مباشرة من أخرى.
وهنا أعود لسؤال طرحته في بداية المقال السابق وهو هل الحل لهذا الأمر هو رفع الوعي أم تغليظ العقوبة على إتيانه ؟!!
بداية أؤكد على أن التصنيف المعترف به للبيدوفيليا أو الاعتداء الجنسي على الأطفال في الطب الجنسي يصنف على أنه اضطراب عقلي ومن ثم فهو مرض نفسي.
وفي رأي أن الجهود ينبغي أن تتركز على رفع الوعي لدى الأسر بضرورة رفع الوعي لدى أطفالهم بسبل الحماية والوقاية بشكل يتناسب مع كل سن ومرحلة عمرية. وعلي الجانب الأخر معالجة هؤلاء المصابون بهذا المرض، والحقيقة أنا لا أعرف بالضبط كيف يتم ذلك نظرا لحساسية الامر وتعقيد المسألة كما ذكرت.
يقول فريد برلين وهو طبيب نفسي ومدير وحدة السلوك الجنسي في جامعة جونز هوبكنز: «الأشخاص الذين يعانون من البيدوفيليا غالباً ما يكونون في حالة إنكار لوجود مشكلة ما لديهم»، وبالتالي أولى خطوات العلاج هي أن يدرك الشخص أن هنالك مشكلة وهو يحتاج لمساعدة ما كي يستطيع السيطرة على دوافعه ورغباته الجنسية ويعيش حياته بأقل تقديرات خطرة.
ويبقى التساؤل في هذا الموضوع عن القوانين التي تجرم هذا الفعل، والعقوبات المقررة لها؟ وماذا عن الأطفال ممن تعرضوا لهذا الفعل كيف يكون التصرف معهم ؟ وكيف يتم الحفاظ على الميل والسلوك الطبيعي للأطفال بعيدا على غير ذلك من الانحرافات الجنسية أو غيرها من الانحرافات الأخرى؟
استأذن القارئ الفاضل أن أكمل الحديث عن ذلك الموضوع بالإجابة على هذه التساؤلات في المقال القادم.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي…