واشنطن (زمان التركية)ــ نشرت وكالة الأخبار الأمريكية THE MEDIALINE المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط تقريرًا تحليليًا هامًّا، للكاتبة الكندية “كريستينا جوفانوفسكي” المتخصصة في الشؤون التركية، حول المصير المتوقع للاقتصاد التركي، في حال ما إذا فازت المعارضة في انتخابات 2023، المزمع إجرائها في 14 مايو القادم. وقد جاء في المقال:
من المرجح أن يشهد الاقتصاد التركي دفعة فورية، خاصة من ناحية الاستثمار الأجنبي إذا ما استطاع مرشح المعارضة كمال كيليجدار أوغلو هزيمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة وذلك حسبما قال خبراء اقتصاديون لموقع “ميديا لاين”.
وبالفعل فقد كانت المخاوف الاقتصادية عاملًا رئيسيًّا في تقليص شعبية أردوغان، على الرغم من أن تصنيف شعبيته شهد ارتفاعا مستمرا، وأن تأثير الزلازل المدمر على شعبيته لم يقلل من شعبيته بصورة كبيرة .
وذكرت صحيفة بلومبرج أن سندات اليورو ارتفعت بعد أن توصل ائتلاف المعارضة إلى اتفاق يوم الاثنين لجعل كيليجدار أوغلو المرشح، وقد علق الخبير الاقتصادي الذي يركز على تركيا والخبير الاستراتيجي في مؤسسة BlueBay Asset Management تيموثي آش بقوله إن رد الفعل أظهر أن “الناس أكثر ثقة بشأن المستقبل” وإنه على المدى القصير سيكون هناك توقع بالعودة إلى السياسة الاقتصادية التقليدية وتحسين حوكمة البنك المركزي وأن قيمة “الليرة التركية سترتفع”، وكما يقول الاقتصاديون إن ثقة المستثمرين في الشؤون المالية للبلاد قد اهتزت بسبب السياسات الاقتصادية غير التقليدية.
والجدير بالذكر هنا أن تركيا شهدت تضخمًا مذهلاً على مدار العامين الماضيين، يُلقى باللوم فيه على السياسات التي أصرت عليها الحكومة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والضروريات الأخرى بشكل كبير، ما دعى الاقتصاديون المستقلون إلى التصريح بأن معدل التضخم التركي الحقيقي في أكتوبر الماضي تجاوز 180٪ أي نحو ضعف المعدل الرسمي المعلن في ذلك الوقت، وبينما أعلنت الجهات الحكومية وفقًا لبيانات رسمية انخفاض التضخم مؤخرًا إلى 57٪ في يناير ، إلا أن الاقتصاديين المستقلين ردوا على ذلك بأن التضخم السنوي بلغ بالفعل 121٪..
فقدت الليرة التركية قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في عام 2018 عندما عين أردوغان صهره بيرات البيرق وزيراً للمالية، كما أن استبدال محافظي البنك المركزي مرارًا وتكرارًا وعدم اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة، القرار الذي كان يحتاجه الاقتصاد التركي لمواجهة التضخم أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار كما أدى إلى الزيادة المتسارعة والمستمرة للتضخم، ويقول الاقتصاديون إن كل هذه القرارات قوضت الثقة في السياسة الاقتصادية التركية وأثارت تساؤلات جدية حول استقلالية البنك المركزي.
وقد صرح جيم تشاكماكلي أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة كوج في إسطنبول ، إنه من المحتمل أن يكون هناك المزيد من الاستثمار الأجنبي إذا فازت المعارضة، كما أعرب عن اعتقاده أن تحالف المعارضة سوف يسير في اتجاه أقتصادي أكثر تقليدية مقارنة بالتحالف البرلماني لأردوغان، وقال: “يمثل تحالف المعارضة سياسات اقتصادية مقبولة على نطاق أوسع بين الاقتصاديين”.
وأضاف جاكماكلي وآش إن ائتلاف المعارضة سيعين من هم ذوي خبرة لملء أدوار صنع القرار للسياسات المالية للبلاد، كما حذر جاكماكلي في الوقت نفسه أنه من غير المرجح أن تشهد أسعار الفائدة زيادات كبيرة على الفور، لأن ذلك من شأنه أن يضر بالاقتصاد، كما حذر من أن التوقعات طويلة الأجل لتركيا ضعيفة ويعتقد أنه من المحتمل جدًا أن تنخفض قيمة الليرة التركية، وقال مضيفا إن “التحدي الحقيقي الذي ستواجهه المعارضة بعد ذلك هو بناء المؤسسات ، ووتيرة الاقتصاد على المدى الطويل ستحددها جهود المعارضة في بناء المؤسسات بنجاح” .
بينما سلط آش الضوء على أمر أخر في غاية الأهمية وهو استقرار تحالف المعارضة الذي طيفا واسعا من الأيديولوجيات السياسية على المدى الطويل، وقال آش: “كل القضايا الاقتصادية قابلة للحل”وأضاف “أعتقد أنه إذا كانت هناك وحدة سياسية في التحالف ، فيمكنهم العودة إلى المسار الصحيح بسرعة.”
ومن جهته سعى أردوغان إلى الاستثمار الأجنبي في محاولة لتقليل الأزمة الاقتصادية، لكن تم توبيخه من قبل الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة الذين انتقدوا تركيا بشدة لشرائها أسلحة روسية.
لكن الرئيس التركي وجد المزيد من النجاح في أماكن أخرى، حيث صرحت السعودية هذا الأسبوع إنها قدمت 5 مليارات دولار للبنك المركزي التركي ، مشيرة إلى أنها ملتزمة بدعم اقتصاد تركيا، كما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية مع تركيا من شأنها زيادة التجارة بين البلدين إلى 45 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة، بينما وقعت تركيا في العام الماضي اتفاقية تعاون اقتصادي مع روسيا، الأمر الذي ساعد في تعزيز الانتعاش في قطاع السياحة المهم بالنسبة لتركيا، وبينما أدانت تركيا الحرب في أوكرانيا، فإنها في الوقت نفسه حافظت على علاقاتها مع الكرملين.
وصرح آش إنه بعد الانتخابات التركية، سيرغب الغرب في معرفة موقف تركيا من مثل هذه القضايا ، بغض النظر عمن سيفوز ، وأن هذا قد يكون له تداعيات كبيرة على ثروات البلاد المالية، وأضاف: “أعتقد أنه إذا تم اتخاذ القرارات الصحيحة، فسوف تتدفق الأموال الغربية مرة أخرى إلى تركيا” .