القاهرة (زمان التركية)_ نشرت صحفية الأهرام القومية المصرية في نسختها الانجليزية (الأهرام ويكلي) تقريرا يرصد تطور خطوات التقارب التركي المصري الذي تظهر مؤشراته واضحة وجلية يومًا بعد يوم لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية المصري تركيا خلال الأسبوع الماضي.
وقد جاء في تقرير الصحفية دعاء الباي: الزيارة التي قام بها وزير الخارجية “سامح شكري” إلى تركيا من المؤشرات الكثيرة التي تدلل على دفء جديد في العلاقات المصرية التركية، فقد زار وزير الخارجية سامح شكري تركيا الأسبوع الماضي للتعبير عن دعم مصر في أعقاب الزلازل المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا والذي أودى بحياة أكثر من 50.000 شخص.
وقد صرح أستاذ العلاقات الدولية طارق فهمي معلقًا على هذا التقارب لـ”الأهرام ويكلي”، إن زيارته سامح شكري، وهي الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كانت مهمة أيضًا لأسباب أخرى لأنها تشير إلى تقارب جديد في العلاقات المصرية التركية، وأضاف فهمي أن “زيارة شكري تهدف إلى البناء على التطورات الإيجابية الأخيرة في العلاقات، وقد انعكس ذلك في تصريحات رسمية خلال الزيارة”.
فقد صرح وزير الخارجية المصري خلال زيارته بأن الزيارة رسالة صداقة وتضامن بين مصر وتركيا، وتعليقًا على العلاقات بين البلدين صرح قائلًا: العلاقات الثنائية تسير في الطريق الصحيح، مضيفًا أنه من المهم الاتفاق على خارطة طريق من أجل التعجيل باستعادة العلاقات الطبيعية بينهما.
وقد صرح وزر الخارجية المصري “سامح شكري” للصحفيين خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أن: “المهم بالنسبة لنا هو إعادة العلاقة إلى المستوى القديم والمضي بها إلى أبعد من ذلك في مصلحة البلدين ووفقًا لمصالحهما المشتركة” وقد حاول جاويش أوغلو رسم خارطة طريق محتملة للعلاقات المستقبلية، قائلاً “لقد تبادلنا وجهات النظر حول الزيارات المتبادلة في الفترة المقبلة، و لقد التقى نواب وزراء خارجيتنا مرتين من قبل، وسيكون من المفيد لهم أن يجتمعوا مرة أخرى… بعد المحادثات، يمكن لرؤسائنا أن يجتمعوا إما في تركيا أو مصر، وأضاف بأن تطوير علاقات أفضل بين بلاده ومصر يهم البلدين، ومهم للسلام والاستقرار والتنمية في المنطقة، لكن دفع العلاقات الثنائية إلى الأمام يظل معتمدًا على معالجة التوترات التي تسببت في تضرر العلاقات في المقام الأول، على حد قوله.
وهو ما أوضحه “فهمي” بأن هناك مجالين للخلاف بين مصر وتركيا يتعلقان بـ ليبيا وخلافات في شرق البحر المتوسط، وأضاف أن الوضع في ليبيا كان أهم قضية بين البلدين لأنه مرتبط بعوامل معقدة في المنطقة، ومع ذلك فإن هناك بوادر للاتفاق بين البلدين بشأن ليبيا، فقد قامت مصر بترسيم حدودها من جانب واحد مع ليبيا، ولم تعترض تركيا لكنها دعت إلى مزيد من المفاوضات، وقال فهمي إن البلدين يتفقان على أن الاتصالات الداخلية مهمة للغاية لحل القضية الليبية.
بينما أكد مسؤولون أتراك مرارًا أن أنقرة حريصة على العمل مع مصر والأطراف الأخرى لتحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا، فكلا البلدين يتفقان على أن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي إجراء انتخابات شفافة وديمقراطية في ليبيا. وتدعم القاهرة وأنقرة إحدى الإداراتين المتنافستين في ليبيا المنقسمة إلى شرقية وغربية.
وقال فهمي إن الخلافات في منطقة شرق المتوسط وعلاقات أنقرة مع اليونان وقبرص تشكل عقبة أخرى أمام تحسين العلاقات بين القاهرة وأنقرة، مضيفًا أن حل هذه الخلافات سيستغرق وقتًا، مضيفًا بأن اليونان وقبرص ومصر عملوا على توسيع تعاونها في السنوات الأخيرة، وأن أي توقعات بأن القاهرة ستغير تحالفاتها بشكل جذري لصالح أنقرة غير واقعية.
والجدير بالذكر هنا أن منتدى غاز شرق المتوسط (EMFG) وهو تحالف للطاقة شكلته مصر واليونان وقبرص وإسرائيل كان مصدر قلق لأنقرة، ومع ذلك فإن أنقرة قد تكتفي بأن تكون عضوا مراقبا في المنتدى مما قد يفتح إمكانية إيجاد أرضية مشتركة.
أما بالعودة إلى انهيار العلاقات بين تركيا ومصر فقد ظهرت خلافات بين البلدين بعد الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين في مصر في عام 2013، حيث اختار العديد من الأعضاء البارزين في الجماعة الإقامة في تركيا.
وفي غضون أشهر من انهيار نظام الإخوان المسلمين، طردت مصر السفير التركي في القاهرة ردًّا على انتقادات أنقرة المتكررة لمصر، وردت تركيا بإعلان أن السفير المصري شخص غير مرغوب فيه في تركيا.
وتوترت العلاقات حتى عقدت جولتان من المحادثات الاستكشافية في عام 2021 للمساعدة في إقامة جسر للتواصل بين مصر وتركيا، وطالبت القاهرة أنقرة بوقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وخاصة ليبيا وسوريا، ووقف حملاتها الإعلامية ضد مصر، والتوقف عن منح الجنسية التركية لأعضاء جماعة الإخوان المصريين المقيمين في تركيا.
وعقب الجولة الثانية من المحادثات، صدر بيان مشترك عن وزارتي الخارجية المصرية والتركية جاء فيه أن الجانبين اتفقًا على مواصلة المحادثات، ومع ذلك، لم يتم عقد جولات أخرى، وفي غضون ذلك، اتخذت أنقرة خطوات إيجابية لتحسين علاقاتها مع الإمارات والسعودية وإسرائيل، وهي خطوات بعثت الآمال في خطوات مماثلة مع القاهرة، حيث يرى العديد من المسؤولين الأتراك أن تطور علاقات أنقرة مع الإمارات ينذر بعلاقات أفضل مع مصر.
وقد أثار لقاء قصير بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس عبد الفتاح السيسي أواخر العام الماضي خلال افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر الآمال في تحقيق انفراجة في العلاقات، ثم كشف جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي بأن بلاده قد تعيد تعيين سفيرها في مصر في الأشهر المقبلة بعد غياب دام تسع سنوات، بينما لم تعلق مصر على البيان.
ثم تطورت الأحداث مع زيارة وزير الخارجية المصري حيث كانت المحطة الأولى لشكري في جولته بالمنطقة الأسبوع الماضي هي سوريا التي تضررت بشدة من الزلازل، وأعرب عن تضامن مصر مع سوريا في خطوة تشير إلى تحسن العلاقات مع دمشق، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وأكد استعداد مصر لتقديم مزيد من الدعم لسوريا، وقال الأسد لشكري إنه يقدر اتصال السيسي بعد الكارثة، وتعليقًا على الوضع الحالي للعلاقات، صرح أحد الدبلوماسيين طالبا عدم الكشف عن هويته :إن مقاربات تحسين العلاقات بين القاهرة وأنقرة مختلفة بشكل واضح، حيث تريد القاهرة تسوية الخلافات بين مصر وتركيا قبل اتخاذ خطوات لتحسين العلاقات فيما تسعى أنقرة لحل جزئي لبعض الخلافات وترك أخرى لوقت لاحق، وأضاف قائلا، إن “تطبيع العلاقات سيعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، خاصة أن تطبيع العلاقات سيكون في مصلحة البلدين والمنطقة بأسرها”.
وأشار “فهمي” إلى سيناريوهين محتملين، إما أن تتحسن العلاقات قريبًا، أو أن ذلك يتأخر بعض الوقت، وأشار إلى أن السيناريو الأول هو الأرجح وأن تطبيع العلاقات بين البلدين سيغير المعادلات في المنطقة ويؤدي إلى نتائج مختلفة، وأضاف بأن العديد من الأطراف في المنطقة بما في ذلك إسرائيل والدول العربية تنتظر هذه الخطوة، وأن أردوغان يعمل على الوصول إلى هذه الغاية قبل الانتخابات المقبلة في تركيا، لهذا السبب قام بحل مشاكله مع دول الخليج وإسرائيل.
وأضاف فهمي بأن حل خلافاته مع مصر قد يحسن من فرص فوز حزبه في الانتخابات المقبلة. وعلى كل حال فإن “مصر تبحث في جميع الخيارات وستتعامل مع القضايا لأفضل طريقة ممكنة لتصب في صالح المنطقة”.