بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)ــ أتحدث في هذا المقال عن الجهود الدولية المعنية لمواجهة المُجرمون الجُدُد وحماية أمن وسلامة الدول، وأبدأ هنا بالحديث عن دور الأمم المتحدة في ذلك، والحقيقة أنه على الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة لم ينص صراحة على تجريم الإرهاب الإلكتروني أو ما يعرف بحرب المعلومات كأداة من أدوات الإرهاب إلا أنه مُجرم، وسبب التجريم هنا ومناطه هو أن روح الميثاق تتفق مع تجريم استخدامه باعتباره يمثل انتهاكًا لما ورد في الميثاق فيما يتعلق بالتهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة، وأيضا لما يمثله كلّا من حرب المعلومات والإرهاب الالكتروني من عدوان، ولا شك أن هذا الأخير مجرم وغير مشروع وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
إن الأمم المتحدة أولت لهذا الموضوع اهتمامًا كبيرًا منذ زمن طويل فقد حذرت الأمم المتحدة بأن التطورات في مجال المعلومات والاتصالات في سياق الأمن الدولي، تتضمن تهديدات محتملة وقائمة في مجال الأمن الإلكتروني ولذا فإن الأمر يتطلب الاهتمام الدولي والعمل على إعادة تعيين المفاهيم الدولية وذلك كما جاء ضمن توصيات الدورتين الخاصتين بالقمة العالمية لمجتمع المعلومات اللتين عقدت الأولى منهما في جنيف عام 2003 والثانية في تونس عام 2005 باعتبارهما كانتا من انجح الجهود الدولية التي عقدت برعاية الأمم المتحدة في هذا الشأن.
ويضاف إلى ذلك جهود أخرى تمت من قبل لجنة العلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، منظمة الأمم المتحدة للبحث والتدريب، وأيضًا قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل مجموعة عمل خاصة حول أمن المعلومات بهدف التنسيق نحو خطة عمل للتنمية العالمية لمجتمع المعلومات مع الأمم المتحدة.
وقد أصدرت الأمم المتحدة عبر جمعيتها العامة سلسلة من القرارات التي توضح من خلالها متى تصاعد الاهتمام العالمي باستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات استخداما غير سلمي.
وفي عام 2004 شكل الأمين العام للأمم المتحدة حينذاك السيد “كوفي عنان” فريقًا دوليًّا لدراسة قضية الإنترنت، والذي انتهى فيه إلى وضع أربع تصورات لحل هذه المشكلة، وهي:
1- أن يكون هناك مجلس عالمي للإنترنت يتكون من أعضاء حكومات الدول ويكون التمثيل فيه مناسبًا عن كل منطقة ويتم ربطه بالأمم المتحدة،
2- تمثيل في توسيع دور اللجنة الاستشارية الحكومية لهيئة الإنترنت،
3- تشكيل مجلس دولي للإنترنت،
4 – وإقامة ثلاث كيانات مؤسسية عالمية لمعالجة إدارة ورسم السياسات والإشراف على الهيئة والتنسيق العالمي.
ومن الجهود الدولية للأمم المتحدة التي عملت عليها ومازالت تواصل جهودها في تحقيق مزيد من النجاحات فيهما هما العمل على التعاون بين مختلف البلدان لمكافحة هذه الجرائم الحديثة المضرة بأمن الدول، وتنمية الوعي بمكافحة الإرهاب والتجسس الإلكتروني، إضافة إلى الاهتمام بالعمل على رفع قدرات البلدان وتنمية مهاراتهم في مكافحة هذا النوع من الجرائم الخطير، وأن يكون لكل دول استراتيجيتها الوطنية التي تعمل على تحقيقها بالفعل والعمل عليها على أرض الواقع.
ولكن مع كل هذه الجهود يبقى الدور الذي تقوم به الدول هو الأساسي والذي يجب أن تقوم به كل دولة على أكمل وجه، والواجب هنا يتمثل في سن تشريعات تكافح وتواجه هذا النوع من المجرمين الجُدُد المضرون بأمن الدول، وتوفير الأذرعة الفنية والتطبيقية لتفعيلها على كافة المستويات بعدالة واحترام لمبدأ سيادة القانون.