ماهر المهدى
القاهرة (زمان التركية)ــ صناعة الكذب هي ربما إحدى الصناعات القديمة الحديثة التي تزدهر كل يوم اعتمادا على التقدم المعرفي والتكنولوجي الذي تحدثه البشرية كل يوم من أجل مستقبل أفضل ومن أجل إنقاذ البشرية من المخاطر. فمن قلب الحقيقة يحاول محترفي الكذب خلق قصص من الكذب والأوهام، للتشويش على الحقائق وتشتيت الانتباه وخلق تصورات ووقائع زائفة لا تخدم إلا المصالح القريبة للمزيفين.
ولنا فى وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة مثل واضح لاستغلال التقدم الانسانى فى خدمة الأهداف الإنسانية، سواء أشخاص أو جهات. وقد تحولت وسائل التواصل الاجتماعى تدريجيا خلال السنوات القليلة الماضية من التواصل الاجتماعى الى لوحات إعلانية كبيرة أو حوائط إعلان ناطقة وتحاول استقطاب المعجبين والمؤيدين بالحق أحيانا وبطرق التحايل فى أحيان أخرى. فالأهداف تبرر الوسائل عند البعض. والناس تنسى وتعجز عن رصد تتابع الأحداث فى خضم انشغالها الطبيعى بكسب قوت يومها، وقد تحاول ألا تدقق النظر فيما حولها هروبا من المخاطر ودرء الشر.
فإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعى منبرا وساحة لقياس شعبية المشاهير وغير المشاهير الطامحين الى الشهرة فى عصرنا هذا، فقد يعن للمتابعين الراغبين فى فهم الأحوال والتدبر فى المسارات وتقلب السياسات سؤال بسيط هو: هل عدد هؤلاء المتابعين لهذه الشخصية أو لهذا الاسم دلالة على القيمة الفعلية لإسهامات المتبوع وعلامة على الثراء الشخصي للاسم المتبع ؟ أم وسائل التواصل لم تخلق – وفقا لاسمها – تسبر أغوار الناس وتقرأ نواياهم وخططهم ؟
إن عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي قد يصدق – نظريا – فيما يصوره من ثراء هذا الاسم أو ذاك الاسم، وقد يكون عدد المتابعين تجارة لا تخلو من حيلة ولا تترفع عن كذب من أجل المكسب المادي. وقد يكون عدد المتابعين حملة من أجل المكسب السياسي لطائفة أو طاغية. والمستضعفون المغلوبون على أمرهم كثيرون، والطماعين كثيرون. والمال يحطم كثيرا من الحواجز وقد يشترى كثيرا من الناس الراغبين فى بيع مصداقيتهم لقاء بعض المنافع وبعض المال العاجل. فما أبعد الغد – فى أعين الطامعين – وما أقصى موعد الحساب وما أصعب ظهور الحق وزهق الباطل فى أعينهم. والواقع أن الأيام تمر مرور الثواني، والأحوال تتبدل بتبدل الليل والنهار، ومآل كل ضجيج خادع إلى الصمت والتلاشى.