برلين (زمان التركية) – شاركت المطربة الكردية هوزان جانه، التي اعتقلت لمدة 4 سنوات في السجون التركية، معاناتها والانتهاكات التي تعرضت لها، كما نقلت معاناة المعتقلات من حركة الخدمة على وجه الخصوص، وما رصدته من محاولات تشويه صورة المنتمين للخدمة.
تقول “جانه” التي تحمل الجنسية الألمانية، في مقطع فيديو نشر على قناة Kronos على اليوتيوب، إنها جاءت من ألمانيا إلى تركيا في 13 يونيو 2018، للمشاركة في الانتخابات التي عقدت في 24 يونيو من العام نفسه.
وفي الثانية من صباح يوم 22 يونيو، تم إيقاف الحافلة التي كانت تركبها وهي متجهة من أدرنة إلى إسطنبول، وكان هناك أكثر من 200 جنديا، وألقت قوات الدرك القبض عليها بمفردها.
تعامل عنيف
وتضيف جانه: “أدخلوني كوخًا خشبيًّا صغيرًا هناك. تعاملوا معي وكأني أحمل حزامًا ناسفًا”.
تقول “لم تكن هناك شرطيات إناث في أثناء اعتقالي، وقاموا بتجريدي من ملابسي بالقوة. لا أستطيع وصف الشعور السيء الذي شعرت به. عشت ساعات صعبة بمفردي بين 200 جندي”.
وتقول المطربة هوزان جانه، إنها كانت تصرخ مرددة: “لم أفعل شيئًا. أتيت من ألمانيا. وأنا مواطنة ألمانية. لم أقترف أي ذنب. أعيش في ألمانيا. يمكنكم التحري، فأنا لا أنتسب إلى أي جهة”.
وأشارت جانه إلى أنهم وضعوا أمامها ملفًا كبيرًا. وقالوا لها: “إذا وقعت على كل هذه الأوراق فسنطلق سراحك”، موضحة أنها لم توقع على شيء، لأنها لا تعرف ما فيها، فربما سيحملونها مسؤولية ما ارتكبه مئات القتلة من جرائم.
وتتابع المطربة الكردية “جانه”: “بعد ذلك قيدوا يديّ بالأصفاد من الخلف. ونقلوني بعربة عسكرية إلى أدرنة. مكثت هناك ثلاثة أيام. وكان هناك ملازم شاب يحضر لي طعامي. كان المكان ضيقًا للغاية. ربما مكان صغير يسع هذه الأريكة. وكان على الأرض مشمع أسود رقيق وبطانية. كانت البطانية، معذرة، تفوح برائحة البول”.
فطور مسمم
وتذكر “جانه” أنه في اليوم الثاني أحضر لها شرطي الفطور مجددا. فقالت له: “سيدي، إنهم أحضروا لي الفطور وتناولت فطوري”. فقال: “لا، كلي هذا أيضًا. لم يكن الطعام الذي أحضروه جيدًا. فلتأكلي هذا أيضًا”.
وأشارت جانه إلى أنها بعد أن تناولت هذا الفطور، أصيبت بالإغماء. لأنه كان مسمومًا… وتم نقلها للمستشفى.
وتستكمل جانه قصتها: “وبعد يوم أعادوني إلى السجن. أخبروني أن من قام بتسميمي شرطي تابع لحركة الخدمة، ولكنني قلت لهم إنه لم يكن هناك ما يشير إلى أنه تابع لحركة جولن”.
وتشير “جانه” إلى أنه بالطبع ليس من الممكن أن يأتي شخص ينتمي لفتح الله جولن إلى هنا ويسممها، فعلى العكس تمامًا من الواضح أنه شرطي تابع لحكومة حزب العدالة والتنمية.
وتؤكد “جانه” أنه بعد حادثة التسمم هذه، تأثر جسدها وبشرتها، وأصبحت تتقيء باستمرار، وكأن جسدها قد غير جلده، وتم التستر على حادث تسممي.
وتتابع المطربة الكردية: “وبعد 6 أيام من اعتقالي، تم عرضي على المحكمة. كان الاتهام الأول هو أنني عضوة بحزب العمال الكردستاني. والاتهام الثاني إهانة أردوغان. والاتهام الثالث سبِّ أتاتورك. المدعي العام طالب بحبسي 15 عامًا. وأصدر القاضي الحكم بالحبس، ونقلوني إلى السجن. كنت قد اعتقلت في 22 من يونيه، وبعد 6 أيام زُج بي في سجن أدرنة المشدد”.
التفتيش العاري
وتتحدث “جانه” عن تعرضها للتفتيش العاري داخل السجن فتقول: “أخذوني إلى غرفة صغيرة. كنت في الأصل أرتدي ثوبًا خفيفًا. وطلبوا مني التجرد من ملابسي، فرفضت ذلك، وبعد ذلك جاء 3 حراس، فأمسك أحدهم بيدي والآخر برأسي وجردوني من ملابسها بالقوة. ثم أجلسوني على كرسي خشبي صغير هناك. وكان أحد الحراس يرتدي قفازًا أبيض. أمسك أحد الحراس رأسي للوراء، وأمسك الآخر يدي للخلف، وأدخل الثالث يده في رحمي، قائلا: “أبحث عن الهيروين”. لقد نزفت حينها”.
وتستمر مأساة جانه فتقول: “أخذوني بعدها إلى زنزانة. هذا السجن به عنبر للرجال من أعضاء حزب العمال الكردستاني، ولا يوجد به عنبر للنساء من حزب العمال الكردستاني. لذا أخذوني وزجوا بي في زنزانة بمساحة متر ونصف. بدون نافذة. وبها فراش. كنت أنزف كثيرًا من رحمي في هذه الأثناء. أحضروا لي قطعة قماش. لم تكن مجدية على أية حال. وقال الطبيب إن هناك تهتك شديد في الرحم”.
وعن نقلها لعنبر يمكث به معتقلين من حركة الخدمة حيث شهدت تركيا اعتقال المئات من الخدمة عقب محاولة الانقلاب الفاشل في 2016، تقول جانه: “قالوا لي إن هناك عنبر يمكث فيه أعضاء تنظيم جولن. لم أكن أعرف حينها ما هو تنظيم جولن. كان يمكث فيه سيدات من جماعة فتح الله جولن. وحذروني في البداية منهم حتى لا يتم قتلي، ولكنني ذهبت إليهم بعد أن وقعت على أوراق تنفي المسؤولية عنهم إذا تم قتلي”.
لسنا إرهابيات
وتشير جانه إلى أنها عندما دخلت إلى العنبر، رأت حوالي 18 امرأة يقفون أمامها، وبالطبع، شعرت بالخوف للوهلة الأولى، واغرورقت عيناها بالدموع من الخوف، ثم نظرت فإذ بنساء محجبات والتفت إلى يسارها فرأت القرآن الكريم. فقالت: “حسنا، إنهن لن يمسوني بأذى”.
وتتابع جانه: “بعدها أُغلق باب العنبر بشدة. وقفت خلف الباب 3 دقائق. لا أستطيع أن أتحرك، كانت ركبتاي ترتعدان، فقد نزفت كثيرًا في الأساس. وقد شحب وجهي بسبب النزيف”.
وتقول: ثم اقتربت مني سيدة تدعي أمينة، وأمسكت يدي. وقالت: “أنت خائفة في الغالب. لا تخافي يا أختاه. إنهم كاذبون. نحن بشر. ولسنا إرهابيات ولست أنت أيضًا إرهابية. إن من يفعلون بنا هذا هم الإرهابيون في الحقيقة. لا تخافي، ولا تقلقي”.
وتشير جانه إلى أنه “كان يوجد بالعنبر أيضا طفل رضيع عمره 15 يوما. ويكفي أن تنظر فقط للرضيع لتعرف من الإرهابي ومن الظالم”، مضيفة: “لقد تعرضت للتعذيب الشديد، ولكن لم يحرق كبدي ألم مثلما ما سببه لي هذا الرضيع. لقد تأذى لحم الطفل كثيرا تحت إبطيه وبين فخذيه. لا يعطون لبنا ولا حفاظات، ولا مسحوق ترطيب، ولا ماء. فليقتص الله لصرخات هذا الرضيع. لن أقل شيئًا آخر”.
أردوغان يمزق تركيا
وفي نهاية الفيديو قالت هوزان جانه: “حسنا إنهم يظلمونا لأننا أكراد، فلسنا منهم. حتى إنهم يريدون قتلنا. ولكن إذا كانوا يفعلون ذلك في أبناء أمتهم، يفعلون ذلك في رضيع حديث الولادة، فهم حقًا أناس خطيرون للغاية”.
وأكدت جانه أن “أكبر خطر على تركيا هو نظام أردوغان الوحشي هذا. حزب العدالة والتنمية أكبر خطر على تركيا، وفي النهاية سيتضح أن من يمزق تركيا، ويدمرها هكذا هو هذا الرجل (أردوغان) لا أحد غيره”.