ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ــ قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإن له وجاء” صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله وصحبه ومن تبعه باحسان وسلم.
هذا الحديث الشريف لا يحض فقط على الزواج، ولكنه يحدد أيضا وقت الزواج فيقرنه بالقدرة على الوفاء بتكاليف الزواج، وهو أمر هام وقد يساعد الكثيرين من الناس على الخروج من حيرتهم وترددهم. فالله ورسوله أعلم بصالح الانسان وبما هو أفصل له فى جميع أحواله، بينما الانسان يكتسب الخبرة ويفقدها ايضا لأن الاحتفاظ بخبرة مميزة وناجزة وفاعلة يحتاج الى مجهود والى صبر والى مثابرة كبيرة ولا يحصلها الانسان وهو فى مقاعد الراحة وأسرة النوم الفعلى أو المجازى. فقد تكون الخبرة موجودة فى بيت الانسان وفى أسرته ولكنه لا يحيط بها خبرا ولا يبصرها، بل وقد ينفر منها نفوره مما يرهقه ويفسد عليه مزاجه الخاص.
وهذا قد يفسر، كيف يكون فى بيت العالم جاهل أو فاشل. فلا شىء من العلم والخبرة يتحصل عليه الإنسان بطريق الدم، سوى ما قدر له الله – عز وجل – أن ينتقل بهذه الطريقة من القدرة والتميز. كما أن الحديث الشريف جاء بصيغة الأمر، ليحض بقوة على الزواج ويلفت الانتباه إلى أهمية الزواج والى أهمية الإسراع إلى الزواج متى تيسر للإنسان القدرة المادية اللازمة للزواج. وفوائد الزواج الصحية والنفسية معروفة، ولكن الكثيرين يختلفون حول وقته وسنه والتعجيل به وتأجيله.
الزواج بيت وسرور واستقرار صحى ونفسي وتقديم للخير على الشر وبناء للمودة ومنحة للإنسان فى مقتبل عمره وفى صدر شبابه وصحته، ليكون له أهل فى مقبل الأيام ولا يتقدم فى العمر وحيدا. فأكثر ما يغر الإنسان فى مقتبل عمره هو شبابه وصحته وفتوته، فلا يرى نفسه مستقبلا إلا أكبر حجما وأعظم قوة وأوسع ثراءا وأشد سطوة، وينسيه ظنه وأحلامه أنه لا يعلم الغيب ولا يعلم كم من العمر يعيش ولا يعلم كم من العمر سيحتفظ بصحته ووسامته وسطوته إن كان ذا وسامة أو ذا سطوة.
والكثيرون يقضون نحبهم صغارا لا يتخطون العشرينات من العمر ويتوفون قبل ذلك وبعد ذلك أيضا صغارا لم يروا كثيرا ولم يحققوا إلا أحلاما فى خيالاتهم التى رحلت معهم دون أثر يبقى فى أهلهم وفى من يحبونهم ويفتقدونهم. ولذلك، فالحديث الشريف هو أكثر من حض وتشجيع للناس على الزواج متى توفرت لهم القدرة اللازمة، فهو تنبيه هام للجميع وتحذير لطيف من مقبل الأيام وارشاد كريم الى نعمة عظيمة من نعم الله ومن فضله – سبحانه وتعالى – على الإنسان ليعيش سعيدا يرافقه من قد يرعاه أو يسأل عنه، وييترك خلفه ذكرى طيبة لمن يحبونه اذا قضى نحبه وعاجلة نصيبه.