هيثم السحماوي
(زمان التركية)ــ قد تمر البلاد ببعض الظروف التي تؤدي إلى تقييد بعض حقوق الإنسان التي يجوز تقييد التمتع بها في بعض الأحيان، وهذه الظروف تسمى “الظروف الاستثنائية” أو ما يعرف بـ”حالة الطوارئ”، وسبب هذا التقييد لبعض حقوق الإنسان التي يجوز تقييدها يمكن أن يكون بسبب عمليات التخريب أو العنف الذي تمر به البلاد أو تهددها وكذلك في حالة الاستعداد لمواجهة حرب قادمة، أو حرب حالية، ففي هذه الحالة توضع هذه القيود والحدود حفاظًا على مصلحة المجموع ومنعًا من انهيار الدولة، وأيضًا توضع الحدود على بعض الحقوق التي تقبل ذلك حفاظًا على حقوق أخرى ذات أولوية أكثر ولصالح المجتمع كاملًا، بمعنى أنه من المنطقي والمعقول أن يفرض قيد -مثلًا- على حرية التنقل حفاظًا على حق مثل حق الإنسان في الحياة.
ما أريد قوله والتأكيد عليه في هذه الجزئية أن هذه القيود والحدود لا بد أن يكون هدفها الأول والأخير مصلحة المجتمع نفسه، وأنها تطبق في أضيق الحدود لأنها استثناء والاستثناء لا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه، وفي كل الأحوال فإن تعامل السلطة التنفيذية في هذا الشأن يخضع لكلٍّ من رقابة القضاء الوطني والدولي والهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة.
ويلاحظ القارئ الفاضل أنني منذ بدء المقال وأنا أكرر “القيد أو الحد على حقوق الإنسان التي تقبل ذلك أي تقييدها أو وضع حدود عليها”، وهذا يعني أن هناك حقوقًا لا يمكن أن يرد عليها مثل هذه القيود أو الحدود مهما كان الوضع غير عادي أو هناك حالة عدم استقرار بالبلاد، وهذه الحقوق واردة على سبيل الحصر ومنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتشمل سبعة حقوق وهم.
– الأول: “حق الحياة”، وفقا للفقرة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على “عدم جواز حرمان شخص من حياته تعسفًا” .
– الثاني: “حظر التعذيب والعقوبات” أو التعامل اللا إنساني أو المهين، حيث تنص المادة السابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”.
– الثالث: “حظر الرق أو الاستعباد”، ونص على ذلك في الفقرة الأولي والثانية من المادة الثانية التي فيها “في حالة الطوارئ لا يجوز استرقاق أحد أو إخضاعه للعبودية”.
– الرابع: “حظر سجن أحد بسبب عدم وفائه بالتزام تعاقدي”، ففي المادة الحادية عشر من العهد الدولي النص على “عدم جواز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي.
– الخامس: “عدم جواز تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي” ففي المادة الرابعة من العهد الدولي النص على وجوب احترام القاعدة التي تقول “أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني”.
– السادس: “الإعتراف بالشخصية القانونية لكل فرد” وفقًا لما ينص عليه العهد الدولي في المادة السادسة عشر منه.
– السابع: “حرية الفكر والعقيدة والدين”، فعندما نصت المادة الثامنة عشر على الحقوق والحريات المتعلقة بهذا الإطار ذكرت أنها مطلقة ولا يمكن ان يرد عليها أي استثناء أو قيد.
—
*المقالات المنشورة في “زمان” تعكس آراء كتابها، دون أدنى مسؤولية على الجريدة