سلجوق جولطاشلي
يبدو أن فوز حزب سيريزا اليساري المتطرف المناهض للاتحاد الأوروبي بالأغلبية في الانتخابات العامة التي أجريت يوم الأحد الماضي في اليونان غيّر الأسئلة التي كان يطرحها الزعماء الأوروبيون بشأن أثينا.
ويظهر لنا أن السؤال الذي كان يطرحه الأوروبيون ويكررونه، لاسيما عقب الانهيار الاقتصادي الذي أصاب اليونان اعتبارًا من عام 2008، هو “ماذا سيكون حال اليونان؟” سيترك مكانه إلى سؤال آخر، ألا وهو “ماذا سنفعل مع اليونان؟”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]يخشى زعماء أوروبا أن يساهم اليونان في تدمير وحدة اليورو التي تعتبر من أكبر نجاحات الاتحاد الأوروبي، خصوصًا وأن أثينا نالت عضويتها في نادي اليورو عبر “الحيل والألاعيب” وجاءت بحزب معادٍ للاتحاد في السلطة عن طريق الانتخابات.[/box][/one_third]أما سبب تغير صيغة السؤال فهو كون اليونان دولة تسببت بالعديد من المشاكل الدائمة للاتحاد الأوروبي منذ انضمامها عام 1981. وبالرغم من التقرير السلبي الذي أعدته المفوضية الأوروبية بشأن اليونان، فإن الاتحاد ضمّ أثينا بضغط من الرئيس الفرنسي آنذاك فاليري جيسكار ديستان. غير أن الرئيس الأسطوري الأسبق للمفوضية الأوروبية جاك ديلور أدلى باعتراف تاريخي قال فيه: “إن ضم اليونان كان خطأ”، الأمر الذي عرّضه لسهام النقد. إضافة إلى ذلك فإن الاتحاد الأوروبي ارتكب الخطأ نفسه عندما ضم اليونان إلى منطقة اليورو؛ إذ ظهر بعد ذلك أن أثينا تلاعبت بالبيانات الاقتصادية من أجل إمكانية استخدام العملة النقدية الموحدة مع دول الاتحاد الأوروبي، حتى أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ساركوزي – عاشق اليونان – قد اعترف في وقت لاحق على ذلك التاريخ بأن ضمّ اليونان إلى منطقة اليورو كان هو الآخر “خطأ فادحًا”.
ومع حدوث الأزمة المالية التي عصفت بالعالم وانهيار الاقتصاد اليوناني وتقديم الاتحاد الأوروبي منحة بقيمة 240 مليار يورو حتى يستطيع اليونان أن يقف على قدميه من جديد، الأمر الذي زاد الاعترافات وعلامات الاستفهام ذات الصلة ببلاد الإغريق. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يشعر بالانزعاج والغضب بعدما حمل الشعب اليوناني حزب سيريزا إلى السلطة بمفرده تقريبًا، ذلك الحزب الذي كان يمارس نشاط المعارضة من خلال العداء للاتحاد الأوروبي الذي يعتبر هو مَن “أنقذ” الشعب اليوناني من الهلاك المحقق. وكما أوضحت الصحف الأوروبية، فإن الزعماء الأوروبيين حينما يهنئون الحزب بفوزه التاريخي بالانتخابات العامة إما لاتنطلق ألسنتهم بالمدح والثناء أو يتحركون بشكل متأخر جدًا.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لاشك في أن المخاوف التي يحملها الأوروبيون تجاه اليونان ليست محدودة بوصول اليسار المتطرف إلى السلطة؛ إذ إن حزب الفجر الذهبي اليميني الذي يتبنّى أفكار “النازية الجديدة”، لايزال يحافظ على قوته في البرلمان اليوناني بالرغم من فقده كرسياً في الانتخابات الأخيرة.[/box][/one_third]ويخشى زعماء أوروبا أن يساهم اليونان في تدمير وحدة اليورو التي تعتبر من أكبر نجاحات الاتحاد الأوروبي، خصوصًا وأن أثينا نالت عضويتها في نادي اليورو عبر “الحيل والألاعيب” وجاءت بحزب معادٍ للاتحاد في السلطة عن طريق الانتخابات.
وكان الزعيم الشاب لحزب سيريزا أليكسيس تسيبراس قد صرح بأنه سيمحو جزءًا من دين بلاده للاتحاد الأوروبي، البالغ 240 مليار يورو، وهو بذلك لايقلق الاقتصاد الأوروبي أو منطقة اليورو فقط. كما أن السياسيين الأوروبيين يحاولون فهم الآثار المحتملة لفوز الحزب بالانتخابات العامة بعدما أطاح بسياسة “الحكومة الائتلافية للأحزاب” المتواصلة منذ أربعة عقود في “مهد الديمقراطية”، وهو حزب أُسس قبل 10 أعوام فقط ولم يحصل على أية فرصة سياسية قبل ذلك لكونه يساريًا متطرفًا.
ويشعر كثيرون بأن نجاح حزب سيريزا في الوصول إلى السلطة في اليونان من الممكن أن ينعش آمال اليسار واليمين المتطرفين على حد سواء. وكان حزبٌ معادٍ للاتحاد الأوروبي اسمه بوديموس أُسس قبل عام في إسبانيا التي تستخدم اليورو ويعاني اقتصادها أزمات خانقة، والحزب يتمتع حاليًا بدعم شعبي بنسبة 20%. ويعتقد البعض أن فوز سيريزا في اليونان يمكن أن تكون له أصداء كذلك في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.
لاشك في أن المخاوف التي يحملها الأوروبيون تجاه اليونان ليست محدودة بوصول اليسار المتطرف إلى السلطة؛ إذ إن حزب الفجر الذهبي اليميني الذي يتبنّى أفكار “النازية الجديدة”، لايزال يحافظ على قوته في البرلمان اليوناني بالرغم من فقده كرسياً في الانتخابات الأخيرة. وقد نجح الحزب في أن يحل ثالثًا في الانتخابات بنسبة أصوات بلغت 6.3%، مع أن زعماءه يقبعون في السجون. كما يتمتع الحزب بعضوية ثلاثة نواب من صفوفه في البرلمان الأوروبي.