هيثم السحماوي
(زمان التركية)- بداية يمكن أن نقول أن منظمة الأمم المتحدة ما أنشأت إلا لحماية هذه الحقوق بمعناها الشامل والعام، فالمعروف والذي يتكرر دائمًا في كتب القانون الدولي إن الوظيفة الأساسية والأولى للأمم المتحدة هي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وهذا حق جوهري وأساسي من حقوق الإنسان وهو العيش في عالم يسوده السلم والأمن والاستقرار حفاظًا على الحق الأول من هذه الحقوق وهو الحق في الحياة وأيضًا حفاظًا واحترامًا لجودة هذه الحياة وخلوها من كل ما يهددها ويعكر صفوها ويجلب الخراب والدمار إليها.
ومنذ إنشاء المنظمة عام 1945 وهي دائمة الاهتمام وحث الدول على الالتزام التامّ باحترام حقوق الإنسان وتعزيزها داخل كل دولة، بشتى الطرق، عن طريق الإعلانات التي توقع عليها الدول وتلتزم بها، مع مراقبة هذه الدول من خلال المنظمة في مدى الالتزام بتطبيق واحترام هذه الإعلانات والمواثيق، والتي في حالة رصدها لدولة تخل بهذا الالتزام تقوم المنظمة بدورها في إدانتها وحثها على الالتزام باحترام حقوق الإنسان.
وهناك تحديد وتنظيم لوظيفة كل هيئة من هيئات منظمة الأمم المتحدة في مسالة تنظيم ومتابعة ومراقبة الدول في احترام حقوق الإنسان. ومن هذه الهيئات الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، اللذان يعد لهما الحظ الأكبر في هذا الإطار.
الجمعية العامة للأمم المتحدة:
تتصدى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمسألة حقوق الإنسان باعتبارها الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة، والتي فيها تمثيل لكل دول العالم، التي تشترك في عملية مناقشة ومراقبة مدى احترام حقوق الإنسان في أي مكان في العالم.
وللجمعية العامة هنا وظيفتان إحداهما: متعلقة بالدراسة والبحث وإعداد مشروعات الإعلانات الدولية والمواثيق الدولية وإقرارها دوليًّا، والأخرى تتمثل في الرقابة الدولية حول مدى التزام الدول في تنفيذ واحترام هذه الاعلانات والمواثيق.
وبالنسبة للوظيفة الأولى الحقيقة أن الجمعية العامة حققت إنجازات كبيرة وعظيمة في هذا الجانب، فلقد بدأت بعد سنتين من إنشاء الأمم المتحدة وتحديدًا عام 1948 بإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر المعيار الأول في قياس مدي التزام الدول باحترام حقوق الإنسان من عدمه، والذي كان هدى ونورًا لكثير من الدول في وضع دساتيرها وقوانينها التي تلتزم باحترام حقوق الإنسان.
وجاءت بعد ذلك نصوص دولية أخرى هامة للغاية منها:
العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966.
العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عام 1966.
اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984.
وبالنسبة لمناقشات الجمعية العامة لموضوع حقوق الإنسان في أي مكان في العالم، ينتهي بإصدار توصيات للدول الأعضاء، ويمكن لها أن تطلب من مجلس الأمن أن ينفذ عمل يفرض احترام حقوق الإنسان في دولة ما، ويمكن أيضًا أن تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقوم بعمل للحفاظ على احترام هذه الحقوق في بلد معين.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئاته الفرعية:
وهو يختص بتقديم توصيات، وإعداد مشاريع اتفاقيات، والدعوة لعقد مؤتمرات، تتعلق بتعزيز ثقافة احترام حقوق الإنسان داخل الدول، وأيضًا يستقبل من الدول التقارير عن مختلف الخطوات التي اتخذتها لتنفيذ توصيات الجمعية العامة في موضوعات حقوق الإنسان، والذي بدوره يقدم للجمعية العامة ملاحظاته على هذه التقارير.