برلين (زمان التركية)_ رصد تقرير ألماني هام التحرك التركي في القرن الأفريقي، وسعي دول أفريقية للحصول على سلاح تركي هام.
وقد شارك في كتابة التقرير كلا من بوراك أونوران وكايت هاريسن، وجاء فيه:
ازدهرت مبيعات الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة إلى الدول الأفريقية بعد أن وقعت تركيا اتفاقيات تعاون عسكري مع عشرات الحكومات في القارة، ويبحث تقرير لوكالة دويتشه فيله DW في سبب لجوء العديد من الدول الأفريقية إلى تركيا للحصول على السلاح.
فبينما تعمل تركيا على تكثيف بصمتها الأمنية في إفريقيا بعد أكثر من عقد من التوسع الاستراتيجي لنفوذها الاقتصادي والثقافي في القارة، وقعت الحكومة التركية مؤخرًا عددًا من الاتفاقيات الأمنية خاصة في غرب إفريقيا بالإضافة إلى تزايد صادرات الأسلحة التركية إلى إفريقيا، فقد نمت صادرات الدفاع والفضاء التركية إلى القارة بأكثر من خمسة أضعاف لتصل إلى 460.6 مليون دولار في عام 2021، بعدما كانت 82.9 مليون دولار في عام 2020.
ولكن في الوقت نفسه فلا تزال حصة تركيا في سوق السلاح في إفريقيا ضئيلة عند 0.5٪، لكن النمو السريع لمبيعات الدفاع “مذهل” فوفقًا لدراسة أجريت عام 2022 حول دبلوماسية تركيا الأمنية في إفريقيا والتي أجراها المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP).
وجد التقرير أنه وعلى خلفية تنامي حركات التمرد الإسلامية في كل من شرق وغرب إفريقيا بالإضافة إلى الصراعات الداخلية، يتزامن ذلك مع تزايد الإنفاق العسكري للحكومات، وهنا تأتي تركيا لتثبت أنها بديل موثوق لمصدري الأسلحة التقليديين مثل روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة.
وقد علق أبيل أباتي ديميسي، الزميل المشارك في مركز الأبحاث البريطاني تشاتام هاوس لـ DW إنه بالنسبة للحكومات الأفريقية فإن “تركيا توفر وسيلة فعالة لشراء المعدات العسكرية بالفعل” وأضاف أبيل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إن الأسلحة التركية رخيصة نسبيًا ولها أوقات تسليم أقصر وخالية من “العقبات البيروقراطية” مثل تلك الأوضاع السياسية أو المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومن جهة أخرى فقد أشاد المساعد الإعلامي للرئيس النيجيري محمد بخاري في بيان صدر له في أواخر عام 2021 بتكنولوجيا الدفاع التركية قائلا إنها ستسرع الجهود لتخليص البلاد من “جيوب الإرهابيين وخطر الخاطفين وقطاع الطرق”، حيث تهتم الدول الأفريقية بشكل أكبر بشراء المركبات المدرعة والمعدات البحرية وأسلحة المشاة والطائرات بدون طيار المصنعة في تركيا.
لماذا تحظى الطائرات بدون طيار التركية بشعبية كبيرة؟
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد عودته من رحلة إلى القارة الأفريقية في عام 2021 “أينما ذهبنا في إفريقيا طلبوا منا طائرات مسيرة غير مسلحة ومسلحة”.
الدول الأفريقية التي تسلمت بالفعل طائرات بدون طيار تركية الصنع تشمل الصومال وتوغو والنيجر ونيجيريا وإثيوبيا.
على الرغم من أن مبيعات الطائرات بدون طيار إلى إثيوبيا قد اجتذبت انتقادات غربية بعد أن استخدمتها الحكومة لمهاجمة المدنيين في صراع تيجراي، إلا أنه وبحسب ما ورد فقد طلبتها العديد من الدول الأفريقية، وباتت الطائرات بدون طيار التركية الشهيرة بايراكتار لديها حاليًا قائمة انتظار لمدة ثلاث سنوات.
والجدير بالذكر هنا أن الطائرات بدون طيار التركية رخيصة مقارنة بالإصدارات الأمريكية أو الإسرائيلية كما أنها سهلة التشغيل، لكن يونس تورهان وهو محلل العلاقات التركية الأفريقية في جامعة حاجي بيرم فيلي في تركيا، قال إن تزايد الإقبال على شراء الطائرة المسيرة بيركتار حدثت بسبب أنها أثبتت جدارتها في المعركة، وقال إن المركبات الجوية التركية بدون طيار قد استخدمت “بشكل فعال للغاية” في سوريا وليبيا وفي منطقة ناغورنو كاراباخ المنفصلة عن أذربيجان، و في الآونة الأخيرة اكتسبت الطائرات بدون طيار المسلحة من طراز Bayraktar TB2 شهرة في أوكرانيا لتدميرها أعدادًا كبيرة من الدبابات الروسية.
و بالنسبة لتركيا فإن إفريقيا تعد سوقًا ضخمة محتملة لصناعة الدفاع والفضاء الناشئة في أنقرة، والتي تفاخرت بوجود حوالي 1500 شركة تركية لصناعات الدفاع في عام 2020 بينما كان هناك 56 شركة فقط في عام 2002.
كما تقوم 15 دولة أفريقية على الأقل بتشغيل عربات مدرعة، من صنع الشركات التركية المتنافسة، وفي الشهر الماضي وضع حوض بناء السفن التركي العارضة لسفينتي دوريات بحريتين جديدتين للبحرية النيجيرية بينما سترسل شركة تركية أخرى ست طائرات هليكوبتر هجومية.
صفقات تدريب أمنية جديدة
إن الدول الأفريقية ليست مهتمة فقط بأسلحة تركيا، فبحسب ما صرح به أوفيغوي إيجيجو، المحلل السياسي النيجيري في شركة Development Reimagined للاستشارات الدولية فهناك أيضًا “طلبًا كبيرًا” على المساعدة الأمنية من تركيا.
فقد عقدت تركيا اتفاقيات عسكرية مع غالبية الدول الأفريقية وخاصة في غرب وشرق إفريقيا وكما هو موضح في الخريطة أدناه، وفي حين أن الصفقات تختلف في نطاقها فإن جميعها يشمل زيارات فنية لمراكز البحث، وتبادل الأفراد بين المؤسسات والشركات، بالإضافة إلى التدريب العسكري.
وتتمثل أكبر مشاركة لتركيا في الصومال حيث تدير تركيا أكبر قاعدة أجنبية لها وهي قاعدة تركسوم ،حيث تتفاخر الحكومة التركية بتدريب ثلث جيش الصومال البالغ قوامه 15 ألف جندي على القتال ضد حركة الشباب.
كما خضع العسكريون النيجيريون لتعليمات باستخدام طائرات بدون طيار قتالية في تركيا، بينما تقوم أنقرة بتدريب ضباط الشرطة الكينيين منذ عام 2020، وقد صرح إيجيغو بأن تجربة تركيا في مكافحة التمرد أمر مرحب به باعتبارها دولة ذات أغلبية مسلمة بدون أجندة استعمارية، فإنها تتمتع بمستوى عالٍ من الثقة في القارة، بالإضافة إلى ذلك وبسبب عضويتها في الناتو، فإن تعميق العلاقات مع تركيا يأتي “بتكلفة دبلوماسية منخفضة” للدول الأفريقية، كما أشار إيجيغو إلى أن أردوغان الذي زار دولاً أفريقية أكثر من أي زعيم غير أفريقي، قد أعاد تعريف تركيا على أنها “دولة أفرو-أوراسية”وذلك بحسب قوله “من خلال ربط هويتها بأفريقيا، وذلك بطريقة تجعل تركيا من نفسها شريكًا محايدًا للدول الأفريقية”.
دول الساحل حريصة على الدعم
من جهة أخرى وإذا ألقينا نظرة على وضع دول الساحل سنجدها يضربها الإرهابيون في غرب إفريقيا ووسط إفريقيا، وسنجد أيضا تركيا تقوم بأحدث مساعيها لتوسيع نفوذها، وقد قدمت تركيا لقوة الساحل المشتركة G5 والمكونة من بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، مساهمة قدرها 5 ملايين دولار لمكافحة الإرهاب في عام 2018، ووقعت تركيا منذ ذلك الحين اتفاقيات تعاون عسكري ودفاع مع النيجر ونيجيريا وتوغو والسنغال.
وصرح إيجيغو مضيفا “نرى هذه الأنواع من الطلبات من دول غرب إفريقيا، لأن لديهم تحديات أمنية ضخمة عبر منطقة الساحل حيث لا تسيطر الكثير من الدول على مساحات شاسعة من أراضيها”.
التعاون العسكري ليس الحل الوحيد
ولقد اجتذبت القمة التركية الأفريقية لعام 2021، 16 رئيسا أفريقيا وأكثر من 100 وزير أفريقي، وكما يشير أيساتو كانتي محلل السلام والأمن المقيم في السنغال والباحث في معهد الدراسات الأمنية، إن هذا يدل على أن القارة تولي أهمية استراتيجية بشكل متزايد لتركيا.
وعلى الرغم من أن الدول الأفريقية مهتمة بشكل واضح بتنويع شراكاتها، بما في ذلك في المجال الأمني، فيرى كانتي إن هناك خطرًا في اتفاقيات الدفاع مثل تلك الموقعة مع تركيا باعتبارها الحل الوحيد للأزمات الأمنية في إفريقيا، فبحسب كانتي إحياء اتفاقيات الدفاع المشترك يثير مخاوف بشأن “زيادة عسكرة الدول الأفريقية التي تواجه تهديدات متعددة”.