أنقرة (زمان التركية)_ باتت حوادث المناجم في تركيا خلال السنوات الأخيرة من الأحداث الأكثر تراجيدية في تركيا، لا سيما ما وقع في عام 2014 حيث عاش الشعب التركي تراجيديا ملحمية بانفجار منجم سوما، الحادث الذي توفي على إثره أكثر من 300 عاملا، ومنذ ذلك الحين لم تتحسن أوضاع العمال ولا القوانين المتعلقة بسلامة عمال المناجم.
كان تصريح مسؤولي الدولة حينها بأن تلك الحوادث طبيعية ولا حاجة لإعطاءها أكبر من حجمها، أمرا أثار ضجة، إلا أنه يفسر اليوم سبب تكرار الحادث.
الرئيس أردوغان عاد ليثير غضب الأتراك بتصريحاته المتعلقة بانفجار منجم بارتين الذي أودى بأرواح 41 من عمال المنجم.
في وسط هذا الحزن العارم، جاء الرئيس التركي ليقول إن “القدر” هو المسؤول عن انفجار المنجم، مفجرا غضبا عارما.
وقد نشرت صحيفة الجاردين البريطانية مقالا حول الغضب الذي يعتري الشارع التركي بسبب الحكم المسبق على سبب الحادث، جاء فيه:
إن كثير من السياسيون والنقابيون الأتراك يشككون في تعهد الرئيس بتحسين قوانين السلامة بعد انفجار أسفر عن مقتل 41 على الأقل، فلقد أثار انفجار في منجم مملوك للدولة وخلف 41 قتيلاً، وحاصر عمال المناجم تحت الأرض لساعات غضبًا شعبيًا في تركيا، وصاحب ذلك غضب عارم من تصريح الرئيس رجب طيب أردوغان بأن “القدر” هو السبب.
ولقد هرع أردوغان إلى بلدة أماسرا الساحلية الواقعة شمال البحر الأسود يوم السبت، حيث عملت فرق الإنقاذ على احتواء حريق على عمق 300 متر تحت الأرض، أشار المسؤولون إلى أنه من المحتمل أن يكون ناجمًا عن تراكم الغازات القابلة للاشتعال في المنجم.
وقد اعتبر أردوغان أن “القدر” هو المسؤول في النهاية عن الحادث المميت، قبل التأكيد على أن فريقًا من ثلاثة مدعين عامين تم إرسالهم إلى أماسرا سيعملون على اكتشاف سبب الانفجار، وصرح متحدثا وسط حشد من عمال المناجم وعمال الإنقاذ والمسؤولين المحليين بقوله إن “التحقيق الإداري والقضائي سيكشف سبب الانفجار ومن هو المسؤول إن وجد” وأضاف: “إنه أمر لا يغتفر لنا بالطبع استمرار وقوع حوادث مع عدد كبير من القتلى في مناجمنا، لا نريد أن نرى أي أوجه قصور أو مخاطر غير ضرورية في مناجمنا”.
إلا أن الاقتراح الأولي للرئيس التركي بأن كوارث التعدين القاتلة هي نتيجة طبيعية لصناعة محفوفة بالمخاطر أعاد إلى الأذهان رد فعله المثير للجدل على أسوأ كارثة تعدين في تركيا على الإطلاق، والتي أودت بحياة 301 شخصًا في بلدة سوما في عام 2014 حيث قال إن “هذه الأشياء تحدث” مما أدى إلى ردود فعل واحتجاجات غاضبة، كما وجد المدعون أن كارثة التعدين القاتلة الثانية في وقت لاحق من ذلك العام والتي أودت بحياة 18 شخصًا كان من الممكن تجنبها.
وتساءل السياسيون المعارضون والنقابيون والمراقبون جميعًا عما إذا كانت تعهدات الحكومة بزيادة سلامة العمال في صناعة خطرة في السنوات التي أعقبت كارثة سوما قد نجحت أم لا ؟ حيث أشار الكثيرون إلى الافتقار الشديد للمساءلة عن الأخطاء القاتلة بين مسؤولي الدولة واحتمال التراخي في إنفاذ القانون واللوائح المتعلقة بالسلامة.
الجدير بالذكر هنا أن الانفجار القاتل في منجم الدولة في أماسرا يقع في منطقة تعتبر حجر الأساس لدعم حزب أردوغان للعدالة والتنمية الأمر الذي يمثل تحديًا للحزب الحاكم ، الذي سيسعى إلى عرض سجله في إصلاح البنية التحتية للبلاد طوال العقدين الماضيين في انتخابات متوقعة العام المقبل، و تظهر استطلاعات الرأي على نحو متزايد أن أردوغان يمكن أن ينتزع النصر من المعارضة المنقسمة في البلاد إذا ظلوا منقسمين في محاولاتهم للإطاحة به.
من جهة أخرى فقد سعت الحكومة أيضًا إلى إحكام قبضتها على الرواية الرسمية، حيث أصدر أردوغان وبعض مؤسسات الدولة تحذيرات صارمة ضد نشر “معلومات مضللة” مزعومة، وسط مطالبات متزايدة بوجوب المساءلة لمنع المزيد من حوادث التعدين المميتة.
من جهتها فقد صرحت إيما سنكلير ويب، مديرة قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، معلقة على ما حدث بقولها “هناك أسئلة يجب طرحها، فبعد الحادثة بيوم واحد فقط أقر البرلمان قانونًا يجرم التضليل الإعلامي، لذلك بالطبع يشعر الجميع بقلق بالغ من عدم السماح للسلطات بأداء مهامهم بشكل صحيح، وهم خائفون من الحقيقة وفوق كل ذلك فالرئيس التركي يلوم القدر”.