بقلم: نور ملحم
سوريا (زمان التركية) – من مكاتب في ناطحات سحاب في أنقرة يشكل مسؤولون أتراك أخبار الأمة دائمًا لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، كما يقول المطلعون على وسائل الإعلام في البلد، في محاولة للسيطرة على حقيقة ما تمر بها البلاد من أوضاع اقتصادية وسياسية داخلية سيئة.
لاحظنا كيف أصبحت وسائل الإعلام التركية الرئيسية، التي كانت ذات يوم مركز صراع حيوي للأفكار، سلسلة محكمة من السيطرة على العناوين الرئيسية والصفحات الأولى وموضوعات النقاش التلفزيوني التي توافق عليها الحكومة.
وكان قد ذكر أكثر من عشرة من المطلعين على الصناعة الإعلامية إن “التوجيهات إلى غرف الأخبار تأتي غالبًا من مسؤولين في مديرية الاتصالات بالرئاسة التركية التي تتولى العلاقات الإعلامية. والمديرية من صنع أردوغان، ويعمل بها حوالي 1500 شخص ومقرها في برج في أنقرة يرأسها الأكاديمي السابق فخرالدين ألتون”.
فريق أردوغان الإعلامي لم يستثمر لصالح بث الأخبار الإيجابية للبلد فقط، بل كانت له فروع أخرى تتحدث عن العلاقات والاجتماعات التي تعقد بين تركيا ودمشق ضمن إطار سري جداً وسط صمت القيادة السورية عن هذه الأخبار، حيث وظفت الهيئة مراقبين إعلاميين ومترجمين وموظفين قانونيين وعاملين في العلاقات العامة داخل تركيا وخارجها، ولديها 48 مكتبًا أجنبيًا في 43 دولة حول العالم. تقدم هذه “البؤر الاستيطانية” إلى المقر تقارير أسبوعية حول كيفية تصوير تركيا في وسائل الإعلام الأجنبية.
الآلية التي يتبعها أردوغان كان قد نفذها خلال السنوات السابقة ففي شهر شباط 2020 وجه الرئيس التركي قادة غرفة الأخبار، وذلك على إثر غارة جوية في شمال غرب سوريا، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 جنديًا ولكن محطات التلفزيون الرئيسية تصدرت قصة مختلفة عنوانها نزاع مع الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين السوريين و اقتصرت تغطية الهجوم على التصريحات الحكومية الرسمية.
والحقيقة هي أن أنصار أردوغان يمتلكون أدوات للتضليل الإعلامي من خلال تشكيل التغطية الإخبارية، حيث يتم التحكم في أكبر العلامات التجارية الإعلامية من قبل الشركات والأشخاص المقربين من أردوغان وحزبه لاسيما بعد سلسلة من عمليات الاستحواذ التي بدأت في عام 2008، حيث تم تحويل عائدات الإعلانات الحكومية إلى حد كبير إلى الإعلام الموالي للحكومة، بالمقابل فأن الحكومة توجه عقوبات بخرق قانون الإعلام التركي بشكل حصري إلى مقدمي الأخبار المستقلين أو المعارضين، ووفقًا لمراجعة هذه العقوبات، يظهر أن انتقاد الرئيس أو الحكومة أو الادعاء بأن هناك فسادا داخل دوائر الحكم يمكن أن يكلف الصحافي والجهة الناشرة الكثير.
وعلى مدار الثلاث سنوات السابقة تلقت تلك الجهات الإعلامية عددا أكبر من الإيقافات مقارنة بالصحف الحكومية والموالية للحكومة ، ومع اقتراب تركيا من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها في العام المقبل، يجد أردوغان نفسه في المركز الثاني في العديد من استطلاعات الرأي.
أردوغان سيحتاج إلى أكبر قدر ممكن من المساعدة الإعلامية إذا أراد تمديد فترة ولايته إلى عقد ثالث في قيادة تركيا
ويقول محللون سياسيون إن الرئيس سيحتاج إلى أكبر قدر ممكن من المساعدة الإعلامية إذا أراد تمديد فترة ولايته إلى عقد ثالث في قيادة تركيا، العضو في الناتو والقوة العسكرية الإقليمية التي تقع على مفترق طرق الهجرة العالمية والتجارة والتاريخ لذلك وضعت سلسلة من عمليات الاستحواذ على مدى أكثر من عقد المجموعات الإعلامية الرئيسية في أيدي الشركات والأشخاص المقربين من أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه.