(زمان التركية)-معهد “يونس أمرة” (Yunus Emre) هو واجهة تركيا الثقافية في العالم، بدأ نشاطه في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية عام ٢٠٠٩ بمبادرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بهدف معلن هو تعليم اللغة التركية ونشر الثقافة المحلية عبر دول العالم المختلفة، حيث يمتلك “يونس أمرة” فروعا في نحو خمسين دولة، بينها دول إفريقية وعربية، ولديه شراكات مع حوالي مئة جامعة.
معهد يونس أمرة يزاول أنشطته التعليمية ضمن “وقف يونس أمرة” الذي أسس يوم ٥ مايو/أيار ٢٠٠٧ باعتباره “مؤسسة وقف عمومية”، وخلال السنوات الخمس الأخيرة، كانت هناك شبهات عديدة تحوم حول المركز الثقافي التركي الواسع الانتشار.
تتواجد مراكز يونس أمرة في ٨ بلدان عربية، تمتلك تركيا علاقات حالية وسابقة مع حكوماتها، وهي: مصر، لبنان، السودان، تونس، البحرين، قطر، الأردن، الصومال.
فروع معهد يونس أمرة تغطي 58 دولة حول العالم، هي:
الولايات المتحدة الأمريكية-واشنطن
أفغانستان-كابول
ألبانيا- تيرانا، شكودر
الجزائر- الجزائر
أستراليا- ملبورن
النمسا- فيينا
أذربيجان- باكو
البحرين- المنامة
بلجيكا- بروكسل
البوسنة والهرسك- فوينيتسا، موستار، سراييفو
كرواتيا- زغرب
مصر- القاهرة
انجلترا- لندن
فرنسا- باريس
جورجيا- تبليسي
ألمانيا- برلين
ألمانيا- كولونيا
المجر- بودابست
إيران- طهران
ايطاليا- روما
اليابان- طوكيو
الأردن- عمان
كازاخستان- نور سلطان
كوسوفو- بريزين
كوسوفو- بيتش
كوسوفو- بريشتينا
لبنان- بيروت
مقدونيا- سكوبي
ماليزيا-كوالالمبور
المكسيك- مكسيكو سيتي
مولدوفا – كومرات
الجبل الأسواد- بودغوريتشا
المغرب- الرباط
باكستان- كراتشي، لاهور
بولندا-وارسو
قطر- الدوحة
رومانيا- كونستانتا، بوخارست
الاتحاد الروسي- موسكو، قازان
السنغال- داكار
صربيا- بلغراد
الصومال- مقديشو
جنوب إفريقيا- جوهانسبرغ
كوريا الجنوبية- سيول
اسبانيا- مدريد
السودان- الخرطوم
هولندا- امستردام
تونس- تونس
قبرص التركية- نيقوسيا
أوكرانيا- كييف
أنشطة معهد يونس إمرة
– تعليم اللغة التركية.
– إجراء اختبار كفاءة في اللغة التركية.
– نشر كُتب ومجلات تعمل على التعريف بالثقافة التركية.
– تنظيم مدرسة صيفية لتعريف الطُلاب بتركيا.
– أنشطة خاصة بالثقافة التركية مثل “الرسم، النحت، الرماية”.
– إرسال بعض الطلبة إلى تركيا وتنسيق منح تعليمية وثقافية.
– عرض أفلام ومسرحيات ثقافية للتعريف بتركيا وتاريخها وثقافتها.
– إقامة معارض وفعاليات للتعريف بتركيا والدراسة فيها.
حسب رئيس المعهد الدكتور شرف أتيش، فإن المعهد يعمل عبر ٥٨ مركزا ثقافيا متواجدا في ٤٨ دولة، ويعمل في فروعه أكثر من ٣٣٠ مدرسا، بينهم نحو ٢٠٠ مدرس من الجنسيات العربية والأجنبية، ويهدف المعهد لإنشاء ١٠٠ فرعا له حول العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية عام ٢٠٢٣.
ويقدم المعهد التركي منحا مجانية تماما تستهدف الشباب، من بينها:
- منحة “يونس أمرة” الصيفية، التي تنظم سنويا وتستمر لمدة أسبوعين بدءا من شهر أغسطس/آب.
- منحة “يونس أمرة” أون لاين، تشمل كافة مستويات اللغة التركية بشكل مجاني، سواء من داخل تركيا أو خارجها، وتبلغ مدة الدراسة ١٥ شهرا وهي مجانية بشكل كامل.
وقد أعلن معهد يونس أمرة في مصر مؤخرا عبر صفحته على “فيس بوك” أنه يقدم تذاكر طيران ذهاب وعودة مجانية لتركيا لاثنين من الطلاب المشاركين في دورة اللغة التركية المجانية أونلاين.
دبلوماسية ثقافية أم أنشطة تجسسية؟
لكن وفق تقارير مؤسسات دولية، هناك شكوك تتعلق بنشاطات معهد يونس أمرة، في ظل إصرار حكومة حب العدالة والتنمية على التوسع في افتتاح فروع للمعهد في دول أخرى، تحت ستار “الدبلوماسية الثقافية”.
ومع أن المعهد أسس في البداية لتحقيق أغراض مدنية وتحقيق أهداف إنسانية نبيلة، انطلاقًا من فكرة الاسلام المعتدل المتجذر في أرض الأناضول بفضل العلماء المتصوفين، من أمثال ينس أمرة ومولانا جلال الدين الرومي، وغيرهما، إلا أن أردوغان غير مهمة هذا المعهد وجعله أداة لخلق قوة مادية ونفوذ سياسي في الدول المستهدفة عبر قنوات غير منصوصة عليها في القانون الدولي، وذلك بالتزامن مع التغيير الذي حصل في مساره السياسي من الديمقراطية إلى النزعات الاستبدادية بعدما تمكن من السلطة عقب انتخابات ٢٠١١. فقد ترك أردوغان بعد هذه الفترة ما سماه “الديمقراطية المحافظة” وبدأ يتبنى فكرة “الإسلام السياسي”.
الإسلام الراديكالي لم يجد قدما راسخة له في أرض الأناضول من قَبل أردوغان، ويعود الفضل الأكبر في ذلك إلى منهج الاعتدال في الفكر والسلوك والتعايش مع الآخر الذي مثله المتصوفون قديما، ومضى عليه العلامة بديع الزمان سعيد النورسي، والمفكر الإسلامي فتح الله كولن، ومن سار على النهج ذاته من العلماء والمفكرين الآخرين في العهد الجمهوري.
وهذا سر عداوة أردوغان الشرسة تجاه حركة الخدمة التي بدأت بعدما يئس من ضم مؤسساتها التعليمية المنتشرة حول العالم إلى مشروعه الذاتي، وتسخير تجربتها وسمعتها العالمية لخدمة أيديولوجيته المتطرفة. إذ رفضت الحركة ذلك وحافظت على استقلاليتها رغم “سياسة العصا أو الجزرة” التي نجحت تجاه الأغلبية الساحقة من الحركات الفكرية الأخرى، سواء كانت إسلامية أو علمانية.
أردوغان “المتحوّل” اعتبر مراكز يونس أمرة الثقافية وأمثالها من المؤسسات المدنية الأخرى من أدوات قوتها الناعمة التي تساعده في اختراق مؤسسات الدول المستهدفة، والسيطرة على عقول مواطنيها، تمهيدا لتنفيذ أجندته السياسية في إطار أيديولوجيته الإسلامية الراديكالية، وتحقيق أحلامه الطوباوية المتمثلة في زعامة العالم الإسلامي، لتتحول معه تركيا وكل أنحاء الوطن العربي والإسلامي إلى ساحة حرب.
اتهامات موجهة إلى يونس أمرة
بعدما كان معهد يونس أمرة وشقيقاته الأخرى “جسرا” بين اللغة التركية والراغبين في تعلمها، والتعريف بتركيا وثقافتها، و”قناة” لتطوير علاقات سلمية مع كل بلدان العالم، إلا أنه بدأت تدور العديد من الشبهات حوله، وتلاحقه اتهامات بالتجسس على الساحة الدولية، اعتبارا من العقد الثاني من حكم أردوغان.
فرنسا
فوفق تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي، تسعى تركيا للتجسس ونشر أيديولوجيته المتطرفة في البلاد من خلال مؤسسة “معارف” ومعاهد “يونس أمرة”.
وأوضح مجلس الشيوخ أن تركيا تحاول نشر أفكارها من خلال التأثير على العالم الأكاديمي داخل حدودها، وذلك من خلال إنشاء وتمويل مراكز الفكر التي تستهدف الباحثين الفرنسيين من أجل التجسس على أحوال البلاد.
مجلس الشيوخ الفرنسي كشف في تقرير مفصل أن جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك داخل فرنسا تمول معهد يونس أمرة الذي “يدافع عن الأفكار أحادية الجانب وتعمل على الترويج للعنصرية والعرقية التركية”.
أكد التقرير أن تركيا تحاول التأثير ليس فقط في فرنسا، ولكن أيضًا على الساحة العالمية من خلال مؤسسة معارف ومعاهد يونس أمرة، مشيرًا إلى أن “تركيا تسعى إلى نشر الإسلام السياسي الراديكالي على مستوى عالمي”.
نورديك مونيتور
فيما كشف موقع “نورديك مونيتور”، نقلا عن مصدر حكومي، أن وكالة المخابرات التركية جندت جواسيس من مجتمعات الشتات في أوروبا، باستخدام المنظمات غير الحكومية. وأوضح الموقع أن المخابرات التركية نجحت في اختراق المؤسسات الأوروبية التي تتعامل مع الأتراك والجاليات المسلمة غير الأتراك لاختيار عملاء محتملين يعملون لصالح تركيا.
“نورديك مونيتور” أوضح أن عددا من المنظمات التركية استخدمت في عمليات الاستخبارات السرية، في مقدمتها “وكالة التعاون والتنسيق التركية- تيكا (TİKA)”، و”رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذوي القربى (YTB)، والذراع الثقافية الحكومية “معهد يونس أمرة”، ومؤسسة “معارف”.
الصومال
وفي الصومال، يتوقف اختيار الطلاب العسكريين الصوماليين المرشحين للدراسة والتدريب في تركيا على اجتياز ستة أشهر من التدريب على اللغة التركية في معهد يونس أمرة.
أفغانستان
كما تمارس تركيا القوة الناعمة في أفغانستان عبر معهد يونس أمرة أيضًا، وأنشطة هيئة “الشؤون الدينية التركية “ديانت”؛ وما لا يقل عن ٤٦ مدرسة أفغانية تركية في سبع مقاطعات، كانت ١٢ من هذه المدارس مملوكة لحركة الخدمة، لكن الحكومة الأفغانية نقلت المدارس إلى مؤسسة المعارف التابعة للحكومة التركية في عام ٢٠١٨.
طلاب عرب يهنؤون عيد ميلاد أردوغان
في مثال على تأثير الأنشطة التعليمية والثقافية التركية التي تديرها الحكومة، نشرت الرئاسة التركية في عام ٢٠٢٠ مقطع فيديو، يضم تهنئات قدمها طلاب مدارس ورواد مراكز ثقافية تركية تشرف عليها جمعية “معارف” ومراكز “يونس أمرة” في عدد من بلدان العالم لأردوغان في عيد ميلاده الـ٦٦.
ومن اللافت أن المشرفين على مدارس “معارف” ومعاهد “يونس أمرة” جعلوا الطلبة الدارسين فيها أن يصفوا أردوغان بـ”يا جدنا طيب” و”رئيسنا الكبير” خلال مقطع الفيديو المذكور، في دليل على أن الهدف الحقيقي من إقدام هذه المؤسسات على إنشاء مدارس في القارة الأفريقية هو الدعاية لشخص أردوغان وتمجيد مسيرته والترويج لأيديولوجيته المتطرفة.
موقع “تركيش مينيت”
تقارير صحفية دولية رصدت أنشطة وقف معارف، وتوصلت إلى أن أنشطته تهدف إلى إحكام السيطرة الفكرية على الملايين من الأطفال والشباب في أكثر من ٧٠ دولة حول العالم، ليشكلوا في المستقبل قوَّة ناعمة تتبنى أفكار الإسلام السياسي وأيديولوجيته، وليكونوا كذلك جماعات ضغط داخل أوطانهم تعمل لصالح تنصيب أردوغان كزعيم للمسلمين حول العالم.
وفي مقال بعنوان “مؤسسة معارف التركية: حصان طروادة أردوغان” على موقع “تركيش مينيت”، قال الكاتب عبد الله بوزكورت المعروف دوليا: “أردوغان يروج لنفسه دائمًا عبر أتباعه على أنه الخليفة أو الزعيم الإسلامي، لذا يستخدم مدارس معارف ومعاهد يونس أمرة كأداة لتوسيع قاعدته الجماهيرية ونشر أيديولوجيته المتطرفة في الدول والمجتمعات الأخرى”.
صحيفة “هندوستان تايمز”
في عام ٢٠٢٠ اتهمت صحيفة “هندوستان تايمز” اليومية الهندية واسعة الانتشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسعي لتأجيج الصراع والاحتراب الداخلي في الهند استغلالا للانقسامات العرقية بإقليم كشمير.
الصحيفة نشرت تقريرا مطولا لفتت فيه إلى أن الاستخبارات التركية الخارجية تطور علاقاتها مع “قيادات دينية متطرفة” في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، مشيرة إلى أن الاستخبارات الهندية وثقت اتصال مقربين من أردوغان وأفراد عائلته بالقيادات الكشميرية “المتطرفة” تحت ستار أنشطة الإغاثة والمنظمات غير الحكومية.
هندوستان تايمز أكدت أن أجندة أردوغان السياسية تجاه الهند تأتي في إطار استراتيجية أوسع لتمديد هيمنة تركيا اقتصاديا وسياسيا على منطقة جنوب آسيا، متخذة من التكتلات السكانية المسلمة معبرا لها للوصول إلى هذا الهدف الذي يتمثل في زعزعة الاستقرار من خلال بث الفتنة الداخلية في مجتمعات الهند التي تعايش فيها المسلمون وغير المسلمين لعقود طويلة في سلام في ظل معادلة “حرية العقيدة” و”الوطن للجميع”.
مركز مناهضة التطرف الأوروبي
ونوهت دراسة أجراها مركز مناهضة التطرف الأوروبي في ستوكهولم أن الاستخبارات التركية تستخدم أسلوب المنح الدراسية وتبادل الزيارات الخاصة بالجمعيات الخيرية والأهلية كساتر لأنشطتها الرامية إلى اختراق مجتمعات مسلمي كشمير من الهنود لإبعاد شبهة التورط الرسمي لتركيا في إثارة الفتنة.
وتأتي منظمة الشباب التركي (TÜGVA) تحت إدارة بلال أردوغان، نجل الرئيس، في مقدمة المنظمات المدنية التركية التي تشرف على برنامج المنح التعليمية التركية المقدمة لمسلمي إقليم كشمير الهنود، وذلك بمعاونة عدد من منظمات مغلفة بالمدنية من قبيل “رابطة أتراك المهجر” و”معهد يونس أمرة للإغاثة” و”المركز التركي للغات والثقافة” و”الخطوط الجوية”، و”مؤسسة الشؤون الدينية”، ووكالة التنسيق والتعاون الدولي، متهمة إياها بتصدير مفاهيم ونظريات “الإسلام الراديكالي”.
دراسة مركز مناهضة التطرف الأوروبي ألقت الضوء على اعتقال ١٢ جاسوسا تركيا يعملون تحت غطاء من السفارة التركية في نيودلهي، عام ٢٠١٨، مذكرة بأن الادعاء العام الهندي طلب بعد الحادثة من نظيره التركي تزويده بمعلومات عن حقيقة عمل هؤلاء الأشخاص على الأراضي الهندية وحقيقة ارتباطاتهم بالسفارة التركية.
البرلمان الأوروبي
في كانون الثاني/يناير ٢٠٢١، أثار عضو برلماني أوروبي سؤالاً في البرلمان الأوروبي يسلط الضوء على قضية التمويل التركي للقوات المناهضة للهند. في سؤاله، ادعى البرلماني اليوناني، إيمانويل فراغكوس، نقلاً عن تقريرين لأجهزة الأمن الهندية، أن تركيا كانت توجه الأموال إلى أنشطة أعضاء داعش السابقين في الهند الذين كانوا يسعون إلى تطرف المسلمين الهنود وزعزعة الاستقرار على نطاق واسع.
يذكر أن بعض الدول قامت بإغلاق معهد يونس أمرة، حيث تم إغلاق مركز الدراسات التركية التابع لمعهد يونس أمرة ضمن جامعة قازان الفيدرالية في تتارستان، وذلك في نطاق العقوبات التي فرضتها روسيا على تركيا بعد اندلاع أزمة بين الطرفين في عام ٢٠١٥.