بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)-لم تحل غريزة الأمومة والابوة في قلب الأبوين الأمريكيين دون الإحساس بقوة الحق وحب الحقيقة والرغبة في نصرة العدالة والتخلص من رابطة الإثم ومخالفة القانون والاعتداء على المجتمع والإضرار العمد به وباجياله . ولذلك ومن أجل راحة الضمير الإنسانى ، وفي يوم ما اتصلت الأم بقوات الشرطة لتبلغ عن ابنها جورج يانج الهارب المطلوب للعدالة بتهم كثيرة تتعلق بجلب ونقل وتهريب واغراق البلاد بالمخدرات .
كانت عائلة يانج عائلة صغيرة مكونة من أم وأب وولد واحد هو جورج الذى لم يرث عن أبويه قناعتهم ورضاهم بحياتهم وبظروفهم المحيطة بهم . فقد كان الأب يانج صاحب حرفة بسيطة يتعيش منها هو وأسرته ، بينما لازمت الأم منزلها واكتفت بأعمال المنزل . وبات جورج يتطلع إلى ثروات والى إمكانات كبيرة ، ولكنه حار طريقا ولم يصل إلى شىء ، حتى همس له صديقه فقير الحال والفكر أن بامكانهما الحصول على بعض المخدرات من مروج لها على أحد الشواطئ وإعادة بيعها لرواد الشواطىء من محبى تلك المواد . ولم يطل تفكير جورج قبل أن يوافق على التجربة التى نجحت نجاحا كبيرا في در كثير من المال على جورج وصديقه .
ولكن جورج وصديقه لم يكتفيا بما جنيا من مال كثير وسريع بلا عمل ودون الوقوع فى قبضة رجال الشرطة الأمريكية أو رجال مكافحة المخدرات . واجتهد جورج قبل صديقه في التوصل الى التاجر الأكبر حتى يحصل على مزيد من المخدرات ويحقق الثروة التى يحلم بها . وقد كان لجورج – خلال سنوات قليلة – ما أراد من المخدارات ومن المال والسيارات والقصور والنساء والخمور وحياة البزخ ، ولكنه أيضا صار مطلوبا للعدالة في الولايات المتحدة الأمريكية بتهم جلب المخدرات الى البلاد والنقل والترويج والاضرار بالمجتمع ومخالفة القوانين .
صار لجورج كل ما تمنى من أحلام ، ولكنه لم يستطع أن يمحو والديه أو يستبدلهم بآخرين أو يستميلهم بماله وثروته وقصوره الفخيمة ، فبقوا سعداء على حالهم البسيط في حيهم المتواضع ورفضوا مال جورج وهداياه الثمينة . وبقى جورج على مودة والديه وزيارتهم من حين لحين ، فلم يقض منام والديه سوى همسات وغمزات الجيران من النساء والرجال كلما مروا بوالد أو والدة جورج ، حتى ضاقت أم جورج بهذا الحصار وهذه المضايقة وكرهت أن تبقى الأمور على هذا المنوال : لا الابن ينصت أو يقبل نصيحة بترك الأعمال الاجرامية والعودة الى طريق الرشاد ، ولا الناس يرحمون أهله ويدعونهم الى شأنهم .
فالفطرة التى جبل الله الناس عليها – مهما اختلفت عقائدهم وأفكارهم – مطبوعة على الخير ولا تقبل الا الخير . فلما عاد جورج الى زيارة والديه مجددا ، تسللت والدة جورج إلى تليفون المنزل وأبلغت الشرطة بوجود جورج لديها وإمكانية القبض عليه اذا ما أسرعوا رجال الشرطة .
قبض على جورج في بيت والديه وباخطار للشرطة من والديه وليس من أحد غريب ، وحكم على جورج بالسجن المؤبد ليستريح الجميع من شرور مجرم يهوى الإجرام ولا يقبل إلا به ولو أضر أهله والناس جميعا . فمساعدة المجرم تتمثل في تقديمه الى العدالة وليس في مساعدته على الهروب من العدالة او على التنصل مما اقترفت يداه ، وبذا تأمن نفسه شرورها ذاتها ويأمن الآخرون شروره .