محمد أبو سبحة
القاهرة (زمان التركية) ــ حول سبب اختيار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا التوقيت للإعلان عن عملية عسكرية خامسة في سوريا وإقامة مخطط “المنطقة الآمنة”، يقول الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أردوغان الذي يحمل “أفكارًا عثمانية قديمة” يحاول استغلال أزمة أوكرانيا وانشغال القوى الكبرى لتحقيق مآرب استراتيجية كان يتطلع إليها دائما.
وبخصوص احتمال أن تجلب العملية العسكرية التركية في سوريا عقوبات إضافية على أنقرة من دول الناتو، قال الدكتور بشير عبد الفتاح في تصريحات خاصة لـ”جريدة زمان التركية”، إنه لا يتوقع حدوث ذلك في الوقت الحالي، لذلك اختار أردوغان هذا التوقيت بالذات لأن الناتو يحتاج إلى موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا، بينما فرض مزيد من العقوبات يدفع تركيا نحو مزيد من العناد، واستخدام الفيتو ضد الدولتين بما يعطل انضمامهما للحلف الأطلسي.
مخطط تركيا مهدد بالفشل
وفيما يتعلق بفرص نجاح مخطط المنطقة الآمنة وفق التصور التركي، يقول الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن جميع المؤشرات تبعث على أن مخطط “المنطقة الآمنة” لن ينجح، مشيرًا إلى أنه لا يوجد ترحيب من الولايات المتحدة وروسيا وسوريا التي توجهت بهذا الصدد إلى الأمم المتحدة بشكوى ضد التدخلات التركية، كما أن هناك معارضة من الولايات المتحدة للعملية العسكرية الجديدة في سوريا.
ما يعني وفق الدكتور “عبد الفتاح”، أن المخطط التركي لا يلقى ترحيبا في أي حال من الأحول، وبالتالي لن ينفذ كما ترغب تركيا.
تركيا ستتراجع
وبخصوص موقف الولايات المتحدة من مخطط أردوغان في سوريا، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، إن واشنطن لن تغض الطرف عن مخطط إنشاء المنطقة الآمنة، وأكد أنه “جرت العادة أن تركيا هي من تتراجع خطوات إلى الوراء وهي من تقدم التضحيات في نهاية المطاف، لأنه ليس كل ما تطرحه تركيا أو تتطلع له تحصل عليه من الناتو، لأنها عضو في الناتو من الدرجة الثانية”.
وفيما يتعلق بتقييم الهدف التركي المعلن من العملية العسكرية في سوريا، يقول عبد الفتاح رئيس تحرير مجلة الديمقراطية، إن تركيا هدفها المعلن أولا محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وتهديداتها الدائمة، وثانيا إقامة منطقة آمنة داخل سوريا بعمق 30 كيلو متر، يتم فيها توطين مليون لاجئ سوري فيها كمرحلة أولى لإعادة اللاجئين السوريين الذين يسببون ضغطا اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا على تركيا.
لكن وفق المحلل السياسي المصري، قد يكون هناك أهداف خفية لتموضع تركيا طويل الأمد في سوريا مستغلة حالة الانفلات الأمني والضبابية السياسية في سوريا.
ويقول إنه، ربما يريد الرئيس التركي أن يوجد لبلاده موطئ قدم دائم في سوريا، انطلاقا من نظرية الحدود الآمنة، والاستفادة من بعض الثروات في سوريا، إضافة إلى أفكار عثمانية قديمة، حيث يرى الرئيس التركي حقوقا لبلاده في سوريا والعراق.
رسالة غير موجهة إلى دمشق
وتعليقًا على المغزى من بيان مجلس الأمن القومي التركي بأن العملية العسكرية لن تضر بوحدة أراضي الدول المجاورة، قال المحلل السياسي بشير عبد الفتاح، إنها “محاولة للتطمين، وإظهار أن تركيا لديها حسابات استراتيجية دقيقة لتحقيق مصالحها، دون أن تضر بمصالح دول الجوار، أو تحدث خللا استراتيجيا يغضب الدول الكبرى أو يثير حفيظتها”.
أضاف، قائلا: “هذا الإعلان غير موجه إلى سوريا، لكنه موجه إلى الولايات المتحدة وروسيا المتواجدتين عسكريا في سوريا واللتين تملكان مصالح هناك، وكذلك موجه إلى إسرائيل، لكن النظام السوري غير مقصود بهذا الإعلان لأنه لا يملك من الأمر شيئًا.
وفيما يتعلق بالضرر الذي قد ينعكس على الأكراد الراغبين في إقامة منطقة حكم ذاتي في شرق سوريا، قال الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشأن التركي، إن الأكراد ينتظرون مكافأة من الولايات المتحدة على مساعدتها في محاربة داعش، وذلك سيجعل فكرة الاستقلال أو تشكيل حكم ذاتي قائمة بشكل كبير كمكافأة للأكراد على هذا الدور، وختم قائلا “لا أظن أن سوريا ستعود كما كانت خصوصًا بعد اقتطاع إسرائيل لهضبة الجولان واعتراف إدارة ترامب بها”.