بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – كيف تحمي الأمم المتحدة حقوق الصحفيين والاعلاميين وقت الحرب والنزاعات المسلحة؟
وتطبيقا على حالة الاعتداء الذي وقع على الشهيدة شرين ابو عاقلة رحمها الله ، مالذي حدث معها ؟ وكيف تصرفت الأمم المتحدة تجاه قضيتها ؟ وكيف كان تقيم رد فعلها تجاه هذه القضية ، وما التصرف الأمثل الذي كان يجب أن يتم ؟
بداية كما ذكرت في المقال السابق أن القانون الدولي الذي يطبق وقت الحرب هو “القانون الدولي الإنساني”.
ووفقا للقانون الدولي الإنساني فجميع مراسلون الحرب وغيرهم ممن يمثلون وسائل الإعلام المختلفة ، كلهم يتمتعون بكل الحقوق وأوجه الحماية التي تجعلهم آمنين أثناء أدائهم لعملهم في تلك الظروف .
وفي ذلك ينص الملحق ( البروتوكول ) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف 1977
في المادة 79 التي جاءت تحت عنوان (تدابير الحماية للصحفيين ) تنص على الآتي:
( 1- يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن منطوق الفقرة الأولى من المادة 50.
2- يجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا اللحق “البروتوكول” شريطة ألا يقوموا بأي عمل يسيء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين وذلك دون الإخلال بحق المراسلين الحربيين المعتمدين لدى القوات المسلحة في الاستفادة من الوضع المنصوص عليه في المادة 4 (أ – 4) من الاتفاقية الثالثة.
3- يجوز لهم الحصول على بطاقة هوية وفقاً للنموذج المرفق بالملحق رقم (2) لهذا اللحق “البروتوكول”.
وهناك نصوص أخرى، ودون إطالة في سرد مزيدا من النصوص، اذهب مباشرة إلى الحادثة، أو للدقة الحادثتين اللاتي هزا مشاعر الأمة الإنسانية كلها ، وهما حادثة مقتل الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة- الفلسطينية التي كانت تحمل الجنسية الأمريكية، وحادثة الاعتداء على جنازتها: ” رحمها الله”.
تمثلت الحادثة الأولى في إصابة الصحفية شيرين أبو عاقلة برصاصة في رأسها، أثناء تأديتها لعملها بتغطية أحداث بفلسطين، وهي ملتزمة بتعليمات السلامة و ترتدي السترة الواقية وعليها بالبنط العريض كلمة (press) أي صحافة.
وتمثلت الحادثة الثانية في الاعتداء من قبل أفراد الشرطة الإسرائيلية المحتلة على موكب تشييع جثمانها، في القدس أمس الجمعة، حيث حاصر أفراد الشرطة المستشفى الفرنسي الذي انطلق منه موكب الشهيدة إلى الحد الذي كاد فيه أن يسقط الجثمان من أيدي مشيعيه، الذين جاءوا من كل مكان لتوديعها قبل أن تذهب لمثواها الأخير .
وبالنسبة لرد فعل الأمم المتحدة تجاه ذلك ففي الثالث عشر من مايو الجاري يوم الجمعة الماضية، أصدر مجلس الأمن الدولي، الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، الإدانة بشدة لمقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، داعيا المجلس إلى تحقيق فوري وشامل وشفاف ونزيه في مقتلها، وشدد المجلس على ضرورة المساءلة، مؤكدين على وجوب حماية الصحفيين بصفتهم مدنيين، معربًا عن عزمهم على الاستمرار في مراقبة الوضع عن كثب .
وفي السبت الماضي أيضا جاء رد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حيث أبدى انزعاجه الشديد من العنف الذي شهدته جنازة الإعلامية الراحلة، وسلوك بعض أفراد شرطة الاحتلال الإسرائيلي تجاه المشيعين.
والحقيقة أن موقف الأمم المتحدة هنا محمود وخطوة جيدة ولكنه ليس إجراء كافيا، فليس كافيا في جريمة مثل التي وقعت الاقتصار على الندب والشجب لما حدث.
ما كنت آمله أن يتم تشكيل فوري وسريع للجنة تحقيق في الحادثتين بمنتهى النزاهة والشفافية، وفي حالة ثبوت إدانة إسرائيل يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة من توقيع العقوبات، وغير ذلك من إجراءات تتخذها أجهزة الأمم المتحدة المعنية في ذلك كالمحكمة الجنائية الدولية.
وأعتقد أن هذا الإجراء هو الذي كان سوف يتخذ لو وقعت الحادثتان من قبل دولة أخرى، فمثلا اذا كانت مثل هذه الواقعة في أوكرانيا وكانت من قامت بالاعتداء هي روسيا ألم تكن الدنيا قامت ولم تقعد!!؟
للتذكير فقط تم توقيع حوالي ستة آلاف عقوبة على روسيا بسبب احتلالها لأوكرانيا منذ حوالي أربعة أشهر.
وللتذكير فقط أن مثل مشهد الاعتداء على الصحفية الراحلة شرين يتكرر آلاف المرات بأشكال مختلفة، ومن الأسف أن يبقى الوضع كما هو عليه منذ سنوات طوال، والمأمول أن تتغير مواقفنا نحن تجاه القضية وتكون أكثر جدية وفاعلية، ويكون موقف الأمم المتحدة أيضا أكثر التزاما والقانون الدولي وقواعد العدالة والموضوعية بشكل يتناسب وتاريخها ومكانتها.