أنقرة (زمان التركية) – كل من يتابع التحركات التركية الجيوسياسية في الفترة الماضية، يرى أن الرئيس رجب طيب أردوغان يحاول إعادة الصداقات التي خربها بنفسه خلال العشر سنوات الأخيرة؛ ومؤخرا رأينا أنقرة تسعى بإلحاح للمصالحة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن كانت الحكومة تتهمها بتمويل محاولة انقلاب 2016 في تركيا والتخطيط له، ومن جهة أخرى رأينا مساعي لم تؤتي ثمارها بعد للمصالحة مع مصر والسعودية.
لكن خلال الأشهر الماضية كان حديث الصحافة العربية عن المصالحة التي تسعى لتحقيقها حكومة أنقرة مع إسرائيل، والحقيقة فإن المتابع للعلاقات الإسرائيلية التركية يعرف إنه بعد حادثة سفينة مافي مرمرة انقطعت العلاقات على المستوى السياسي وتضررت على المستوى الدبلوماسي، بينما كانت تشهد العلاقات الإقتصادية بين البلدين انتعاشا وزيادة مطردة خلال الأعوام الماضية.
وبرغم أن الصحافة الإسرائيلية كانت ترى أن أنقرة التي تخرج اليوم من أجل المصالحة مع إسرائيل هي نفسها من تحرض في وسائل إعلامها داخليا ضد إسرائيل، وكانت الصحافة الإسرائيلية بعمومها تنظر إلى تلك المصالحة نظرة الشك والريبة، ولكن خلال الأيام الماضية ومع تصاعد التوترات داخل القدس واتخاذ أنقرة موقف يندد بما يحدث في القدس أعادة الصحافة الإسرائيلية النظر مرة أخرى في مفهوم المصاللحة التركية، وربما من أهم المقالات التي نشرت في هذا السياق مقال صحيفة جيروزاليم بوست.
وجاء في المقال أنه بينما كانت تركيا تروج خلال العامين الماضيين لمصالحة مع إسرائيل، وظهر وكأن هذه المصالحة في طريقها لأن تتم لا سيما بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا الشهر الماضي، إلا أنه مع ذلك لا زالت وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة تحرض ضد إسرائيل، والمسألة لا تقف عند حدود التحريض ولكنها تصل إلى حد تأجيج الصراع داخل إسرائيل.
وترى الجورزاليم بوست أن أنقرة لا تقوم إلا بإثارة أفكار فقط بشأن المصالحة لتستخدم ذلك لاحقا جماعات الضغط التركية في الولايات المتحدة الأمريكية لإظهار تركيا بأنها تتعاون مع إسرائيل، فهدف أنقرة الرئيسي ليس تحسين العلاقات مع إسرائيل إنما هو إقامة علاقات أفضل مع البيت الأبيض.
أسترسل المقال في الحديث حول أن العلاقات التركية الأمريكية كانت على مايرام أثناء إدارة ترامب وهو ما استخدمته تركيا لمصالحها في غزو سوريا والهجوم المتكرر على الأكراد في كل من العراق وسوريا، كما انه خلال نفس الفترة شجعت تركيا أذربيجان على مهاجمة أرمينيا، وسعت إلى شراء نظام الصواريخ الروسي، إلا أن العلاقات توترت بعد ذهاب ترامب وقيام حكومة أنقرة باعتقال المعارضين ومنع وسائل الإعلام والتضييق على المعارضة التركية داخليا، أما خارجيا فقيام حكومة أنقرة بتهديد حلفاء الناتو مثل اليونان وفرنسا فكان أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تضرر العلاقات الأمريكية التركية، ولكن حكومة أردوغان اليوم ترى أنها أخطأت حساباتها.
وترى الصحيفة الإسرائيلية أنه بينما تقوم أنقرة وجماعات الضغط الموالية لها في الولايات المتحدة الأمريكية بنشر مقلات تروج لفكرة أن تركيا وإسرائيل لديهما مصالح مشتركة وأنها حليفان فيما يتعلق بتهديدات الشرق الوسط، وأنهما حليفان ضد الجهات الإقليمية ذات النوايا الخبيثة والمقصود غيران ولكن سنجد أن تلك المقالات لا تسمي إيران بالإسم ولكن تترك المسألة دون تحديد، بينما علاقاتها مع إيران على مستوى جيد للغاية، كما أن حكومة أنقرة تساند حماس التي تتلقى تمويلها من إيران.
ولذلك فالوجه الحقيقي لتركيا هو ما يظهر في تصريحاتها الصحفية ففي إحدى الصحف التابعة للحكومة نشر مقال تحت عنوان ( تركيا: التوترات الإسرائيلية الفلسطينية يمكن أن تعرض العلاقات مع إسرائيل للخطر) هذه هي رسالة أنقرة الحقيقة ، فأنقرة تقف مع حماس وتفضلها على السلطة الفلسطينية.
وأختتمت صحيفة الجورزاليم بوست المقال بتقريرها أن على الرغم من حديث أنقرة عن المصالحة مع إسرائيل الشهر الماضي إلا أن انقرة لا تقوم بأي شيء من أجل تهدئة التوترات في القدس بل تفضل تأجيج التوترات على الدفع من أجل إحلال السلام في القدس.