بقلم: هيثم السحماوي *
القاهرة (زمان التركية) – أبدأ بإذن الله هذه السلسة من المقالات التي اخترت لها هذا العنوان (الأمم المتحدة وقضايا العصر … محاولة لفهم الحقيقة).
والحقيقة أن معظم الكتابات، خاصة العربية، عندما تتناول هذه المنظمة تحصرها في إطار عملها السياسي وفقط، وبالطبع يدور الحديث حول انتقاد كل المواقف التي تتخذها وجميع الأعمال التي تقوم بها، باعتبارها شيطانا رجيما ما جعل إلا لسيطرة الدول الكبرى على الدول الضعيفة، وعلى رأس هذه الدول المسيطرة عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويستطردون الحديث في هذا الإطار بأن مسلسل سلبية الأمم المتحدة وانحرافها عن الطريق الحق وعجزها الدائم عن اتخاذ مواقف حقيقية لا حصر له.
فلا هي منعت أسلحة الدمار الشامل التي باتت حكرا على بعض الدول دون الأخرى، تلوح بها من وقت لآخر وتهدد بها العالم أجمع دون مراعاة لقانون أو عرف، ولا هي منعت الفقر والجوع الذين يجتاحان العالم بلا رحمة، أو هي وضعت حدا لطغيان الدول الكبرى على الدول الضعيفة ولعل القضية الفلسطينية خير شاهد.
أليست الأمم المتحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، وأليست الأمم المتحدة هي بمثابة حكومة للعالم، فأين التأثير الذي فعلته يمكن أن يقارن بتأثير ولو أقل الدول وأكثرهم ضعفا .
ويكمل هؤلاء الحديث بالقول بأنه لعل المصيبة الأخيرة التي تعرض لها العالم في الآونة الأخيرة والتي تمثلت في الحرب الأوكرانية الروسية تكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير بالنسبة للأمم المتحدة، فكما أن خليفتها (منظمة عصبة الأمم) كانت قد ألغيت بسبب فشلها في منع الحرب العالمية الثانية، فالأمم المتحدة أيضا تُلغي طالما لم تفلح في منع هذه الحرب. نعم تُلغى ويستريح العالم…
كل هذا وغيره دفعني كباحث متخصص في هذا المجال لكي أتساءل عن مدى حقيقة هذه الادعاءات؟ ومدى دقتها من الحقيقة وواقع أعمال المنظمة؟
وقبل أن يخطر على بال أحد أنني جئت أتبنى وجهة نظر معينة، فإنني أوضح للقارئ العزيز أن تناولي لمختلف المسائل هو تناول موضوعي علمي بعيدا عن التحيز أو الميل إلى أحد الجانبين ومحاولة الالتزام للحياد، وأن جزءا من العنوان هو رغبة صادقة للكاتب وهدف محدد ألا وهو المحاولة لفهم الحقيقة، دون زعم بأنني امتلك هذه الحقيقة وبأن قولي هو القول الصواب، وإنما هو قول صواب يحتمل الخطأ.
أتناول فيه معلومات هامة عن هذه المنظمة، ودستورها في كل ما تقوم به، وحقيقة دورها في قضيتين لهما حساسية وأهمية وخطورة بالغة وهما قضيتي الإرهاب وحقوق الإنسان.
ومحاولة الإجابة على سؤال: لماذا هذه المنظمة تخيب آمال الكثيرين في معظم الأحيان؟
وما إذا كان الحل هو الغائها، وإنشاء منظمة جديدة تحقق الطموحات والآمال أم أن هناك رأيًا آخر في هذا الشأن؟
وهل يمكن أن يتحقق حلم الكثيرين أفرادا وجماعات في وجود منظمة يكون سلطانها فوق سلطان كل الدول، ويخضع الجميع لها، كما هو الأمر بالنسبة للحكومات داخل كل دولة، وخضوع كل أفراد الدولة لسلطان حكومتهم؟
* مستشار بالأمم المتحدة سابقا وباحث دكتوراه بالقانون الدولي