أنقرة (زمان التركية) – أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لا تفكر في التخلي عن نظامها الصاروخي الروسي S-400، وأن المسألة أمر مفروغ منه ولا رجعة فيها، على حد تعبيره.
أردوغان قال للصحفيين في رحلة عودته من بروكسل يوم الجمعة، عقب حضوره قمة الناتو الاستثنائية، إن موقفه لم يتغير بشأن الصواريخ الروسية المراد تركيبها على الأراضي التركية، مما خلق توترات بين تركيا العضو في الناتو وحلفائها الغربيين.
يأتي ذلك بعدما زعمت وكالة رويترز البريطانية في الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ناقشت بشكل غير رسمي مع تركيا إمكانية نقل صواريخ إس -400 إلى أوكرانيا، لتنهي واشنطن في المقابل العقوبات التي فرضتها على صناعة الدفاع التركية وتعليق مشاركة أنقرة في برنامج تطوير الطائرة المقاتلة الشبح F-35 والاستحواذ عليها.
بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية، تحدث أردوغان عن الصواريخ الروسية في تركيا بشكل حاسم، قائلا: “هذا الملف تم إغلاقه بالفعل بالنسبة لنا.. نحن الآن في النقطة التي كنا فيها منذ اليوم الأول في هذا الصدد”.
ومن اللافت أن هذه التصريحات الصارمة للرئيس أردوغان جاءت بعدما فشله في انتزاع موعد من الرئيس الأمريكي في إطار اتصالاته على هامش قمة الناتو الاستثنائية التي عقدت يوم الخميس.
قبل تصريحات أردوغان، كان بول كولبي، المسؤول الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية، كتب الأسبوع الماضي لصحيفة وول ستريت جورنال أن تركيا يمكن أن ترسل صواريخ إس -400 الروسية إلى أوكرانيا، مما يفي من جهة بمطالب الولايات المتحدة لانقرة بشأن التخلص من نظام الصواريخ، ومن جهة أخرى الوفاء بالطلبات الأوكرانية المتكررة للحصول على أنظمة دفاع جوي من الناتو.
وعندما وجه صحفيون سؤالًا لأردوغان عن هذا المقال، وما ساقه من ادعاءات احتمالية نقل الصواريخ الروسية إلى الأراضي الأوكرانية، اتهم أردوغان من يعيدون طرح قضية صواريخ إس -400 بالسعي لإثارة المتاعب لبلاده، مضيفًا بقوله: “كل عملهم هو السعي لإحداث الفوضى”.
يذكر أن تركيا تسلمت الدفعة الأولى من صواريخ S-400 من روسيا في يوليو 2019 على الرغم من التحذيرات الأطلسية والأمريكية، من أنها تقوض أمن الناتو، مما حدا بالولايات المتحدة إلى إزالة تركيا من برنامج الإنتاج المشترك لمقاتلات F-35 وفرض عقوبات على صناعة الدفاع المحلية في البلاد.
هذا ويسوق مراقبون آراء مختلفة حول ما إذا كان أردوغان سينجح في استمرار سياسة الموازنة بين المحور الروسي والمحور الأمريكي الأوروبي، مؤكدين أن كلا من المحورين يرى الحرب في أوكرانيا فرصة للكشف عن ولائه الحقيقي.
قبل حسم أردوغان، كان رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، قال إن بلاده لا تناقش التخلي عن الصواريخ الروسية تحت ضغط أي من الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفقًا لصحيفة “إزفستيا” الروسية، قال رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير: “نقل صواريخ إس -400 ليس موضوع نقاش بالنسبة لنا. ناقشنا هذه المسألة في الماضي والآن نواصل التعاون مع روسيا.. تركيا قادرة على تحديد سياستها ومسارها”، على حد قوله.
وتابع دمير، قائلا: “بدلاً من نقل هذه الصواريخ الروسية إلى أوكرانيا، نبذل كل ما في وسعنا لوقف الصراع في أوكرانيا”، الذي بدأ في 24 فبراير الفائت.
كانت واشنطن أزالت تركيا من برنامج مقاتلات F-35 بعد حصولها على الصواريخ الروسية في عام 2019، كما لم يتم الموافقة حتى الآن على طلب تسليم مقاتلات أف 16.
جدير بالذكر أن الحكومة التركية لم تقتدِ بدول الناتو والدول الغربية الأخرى في فرض عقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا، مع أنها وصفته بأنه لا يمكن قبوله، معلنة تأييدها لوحدة أراضي أوكرانيا.
تركيا عقدت اجتماعات مع كبار مسؤولي الحكومتين الروسية والأوكرانية في مسعى لعقد لقاء مشترك بين الجانبين، وتمهيد الطريق لاتفاق وقف إطلاق نار، حيث استضافت قبل أسبوعين اجتماعا لوزيري الخارجية الروسي والأوكراني على هامش منتدى دبلوماسي في مدينة أنطاليا، ثم سافر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في الأسبوع الماضي إلى موسكو وكييف لإجراء مباحثات مع الطرفين بنفس الغرض، لكن هذه الجهود باءت بالفشل حتى اللحظة.