فان- (شرق تركيا)- “زمان عربي”
أصيب تركيّا كلها بالدهشة والصدمة وهي تشاهد منذ أشهر مضت، صور أبٍ يحمل جُثّة فلذّة كبده ، الرضيع ، الذي لم يتجاوز عمره العام ونصف العام، على ظهره داخل جوال وسط الثلوج، بعد أن تعذر عليه الحصول على دواء ينقذه من الحمى الشديدة والسعال لعدم وجود وسيلة انتقال، بعدما سدت كل الطرق بالثلج.
قصة موت الطفل “مُحرّم” كانت مؤلمة جدًّا، تماما مثل الصور، التي ظهر فيها أبوه، وهو يحمله على ظهره في جوال، ويسير به إلى مثواه الأخير بصعوبة بالغة وسط الثلوج.
فقد كانت أسرة “طاش” المقيمة في ضَيْعة “تشاليك” بقرية “يالينجه” التابعة لـ”جوربينار” بمدينة “فان” الواقعة في شرق الأناضول بتركيا، تبحث عن علاج للرضيع الـمُصاب بحمى شديدة وسُعَال، ولم يكن لديهم وسيلة لنقله إلى المستشفى نظرًا لأن طريق الضَيعة كان مُغلقًا بسبب تراكم الثلوج، وعندما اتصل والده عبد المناف طاش بخدمة الطوارئ وإدارة الطرق السريعة، لم يحصل على أيّة مُساعدة منهم، وأسلم مُحرّم” روحه إلى بارئها في منتصف الليل.
وعندما أرادت أسرة الرضيع نقل جُثّته إلى المستشفى بولاية فان، بالرغم من كل ما حدث، ظهرت صور أثارت غضب الرأي العام في تركيا، كما دفعت المسؤولين إلى الإدلاء بتصريحات رنّانة قائلين: “سُيحاسُب مرتكبو هذا الإهمال”.
ولكن حدث تطور مفاجئ خلال الأسبوع الماضي؛ إذ تبيّن عدمُ إجراء التحقيقات، التي فتحتها النيابة العامّة في فان، لأن الولاية لم تسمح بفتح تحقيقات مع المعنيين في قيادة قوّات الدرك، وخدمات الصحة العاجلة 112، وإدارة الطرق الخاصة للكشف عن ملابسات وفاة” مُحرّم”.
وتحاول إدارة حزب العدالة والتنمية التي لا تسمح بالتحقيق في أية واقعة قد تؤدي إلى انتقاد الحكومة، التستر على هذه الواقعة التي حوّلت تركيا بأكملها إلى مأتم.
وقال عبد الرحمن طاش، عم الطفل مُحرم: “هناك محاولاتٍ للتستر على الواقعة، كُنا ننتظر من اليوم الأول للواقعة أن تقوم المحكمة بدورها فيها، لكن على ما يبدو فإن الدولة تحاول أن تحمي موظفيها”.