بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – الحرب تمزق البلاد وتهدم أساسها وإنجازاتها الى الأرض وتقتل ناسها وتجعل من أعزة أهلها أذلة ، وهذه حقائق يعرفها البشر – من خلال تجاربهم المريرة في الحرب والسلام منذ قديم الأزل . فلماذا نرى اليوم من يتجاهل تلك الحقائق ويضعها وراء ظهره تماما ويمضى بشعبه إلى ما لا طاقة له به وإلى الهلاك المبين ؟
من المحزن – من منظور إنساني بحت – أن يرى المرء اليوم بلدا جميلا وهو يغوص في ظلام الحرب رويدا رويدا ويفقد الكثير من أبنائه ومن مقدراته الثمينة التي استغرق بناؤها أجيالا ، ويتساءل عن أسباب قرار الحرب وأسباب المواجهة غير المحسوبة وأسباب الدمار غير المطلوب في بلاد جميلة تكافح ليلا ونهارا من أجل غد أفضل . فليست كل المواجهات واجبة ولا مطلوبة ولا محبوبة ، وخاصة إذا كانت مواجهات خاسرة – بوضوح – من البداية . بل المطلوب هو ممارسة الحكمة والاتزان العميق الحاذق – في مواجهة المواقف الصعبة كلها , ناهيك عن خيارات الحرب والسلام – للقيام بمهام القيادة والنجاة من الخسارة والوصول بالبلاد الى بر الأمان وإلى بدايات جديدة تجعل من الغد أفضل من الأمس . فليست الحروب مغامرات لطيفة أو ألعابا مسلية تعود البلاد بعدها الى سابق رونقها وسلامها . ولا هى خروجه سعيدة للباحثين عن بطولات لا حاجة إليها .
إن الآخرين لا يستطيعون الاختيار إلا لأنفسهم ولشعوبهم . وعندما يتبرع هؤلاء الآخرون بالوعود وبالأحلام للغير ، فهم يمارسون حياتهم وهواياتهم ويعبرون عن تصوراتهم من حيث هم باقون وآمنون ، ولا غبار عليهم فيما قدموا وعرضوا . وتبقى المسؤولية والحكم يقع على من يختار لنفسه ولشعبه فيما يختار وفيما يذهب إليه من سلام وأمن ورفاهية أو مغامرات وحرب غير مفهومة في مواجهة خطر داهم لا قبل له به ويستطيع أن يسوى به وببلده الأرض بسهولة ، بينما أصحاب الوعود المغرية ينعمون في أمان وسلام .
إن من فشل في خيار السلام ولم يدرك قيمته الغالية ولم يستطع الحفاظ عليه ، ولم ولا يبصر غياهب الخطر فيما يدور حوله من مناورات ، وأدخل البلاد في أتون الحرب وجلب الدمار على البلاد وهو يتبع همسات الغير ويحلم بوعودهم الفارغة يتعين عليه أن يترك موقعه لغير القادر على تفهم ظروف بلاده بشكل أفضل ، لعله ينجح في وقف مسيرة الدمار الكبير المحتمل والخروج بالبلاد إلى بر السلام والأمان .