برلين (زمان التركية)ــ تراجعت سيادة القانون في تركيا بشكل أسرع من أي مكان آخر في العالم خلال العقد الأخير، على يد حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وفقًا لتقرير ألماني.
التقرير الصادر عن مؤسسة “برتلسمان” في برلين، أكد أن أكبر العلل والمشاكل التي واجهتها تركيا خلال آخر عشر سنوات هي ارتفاع القومية العنصرية والاستبداد والإسلام السياسي.
وفقًا لمؤشر مؤسسة برتلسمان في برلين لعام 2022، احتلت تركيا المرتبة 74 من حيث سيادة القانون واستقرار المؤسسات الديمقراطية وقدرتها على ضمان عمل الدولة من بين 137 دولة نامية وصاعدة في القائمة، خاسرة 2.85 نقطة في السنوات العشر الماضية، وهي أكبر خسارة لأي دولة في القائمة.
كانت مؤسسة “برتلسمان” قد صنفت تركيا لأول مرة على أنها “أوتوقراطية” في عام 2020.
واعتبر التقرير أن تركيا تواجه ثلاث مشاكل رئيسية تمثلت في “توطيد الاستبداد، والهشاشة الاقتصادية، والسياسة الخارجية المحطمة بالصراعات في المنطقة”، في الوقت الذي تقترب من ذكراها التأسيسية المئوية في عام 2023.
ولفت التقرير إلى أن محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016 استُخدمت لتبرير الانتقال إلى النظام الرئاسي في عهد أردوغان، كما وضعت الإجراءات المتخذة في ظل حالة الطوارئ قيودًا إضافية على المشاركة السياسية والمجتمع المدني، إلى قضائها على مبدإ الفصل بين السلطات الثلاث.
التقرير الألماني نوه أيضًا بأن استبداد الحكومة التركية بقيادة أردوغان وصل إلى مستويات مرتفعة، وتابع قائلا: “السلطة التنفيذية هي أكبر فاعل مناهض للديمقراطية في تركيا. ولم يبق لدى عدد قليل من الفاعلين الديمقراطيين والإصلاحيين الليبراليين القوة الكافية لعكس التحركات الاستبدادية للرئيس المنتخب ديمقراطيًا”.
وأضاف التقرير أن تحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية المتطرف أدى إلى صعود “القومية الشعبوية” التي استخدمت لزيادة الاستقطاب في البلاد وقمع المجتمع الكردي في سبيل أغراض سياسية.
كما أشار التقرير إلى أن تزايد “الإسلاموية” في تركيا، وتوظيف أردوغان مؤسسة الشؤون الدينية في الحد من الأنشطة الاجتماعية غير الإسلامية، وفرض القيم الدينية المحافظة على السكان، مردفًا بقوله: “مؤسسة الشؤون الدينية أصبحت أداة للهندسة الثقافية للحكومة، بما يتماشى مع هدف الرئيس المتمثل في بناء مجتمع إسلامي متجانس”.
التقرير الألماني أشار إلى زيادة الفساد على جميع المستويات في عهد الرئيس أردوغان، وأكد أن الهيئات المستقلة، مثل البنك المركزي والقضاء، لم تعد تعمل بشكل مستقل، وكثير من الذين يديرون الهيئات البيروقراطية هم موظفون سياسيون مفتقرون إلى الأهلية والخبرة.
كذلك جاء في تقرير برتلسمان أن: “الرئيس أردوغان يمارس سيطرة غير متكافئة، وسياسة تحزبية، وأسلوبًا إداريًا لا يقوم على الجدارة. وقد تراجعت كفاءة وجودة الإدارة العامة نتيجة غياب القابلية للمساءلة والمشاركة السياسية وتضييق الخناق على الصحافة وعدم وجود آلية لمكافحة الفساد في الدولة، وخضوع جميع المؤسسات الديمقراطية، بما في ذلك البرلمان والإدارة العامة، لسيطرة السلطة التنفيذية”.
وأكد التقرير أيضًا أن جائحة كورونا كشف مشاكل هيكلية في الاقتصاد التركي، وأن التراجع في سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية قد أدى إلى زيادة تآكل الموارد المالية للبلاد، كما أدت العلاقات المتوترة مع الغرب بشكل متزايد إلى هروب الاستثمار والدعم الأجنبي.
وفي الختام طالب التقرير بإصلاح إداري شامل، وتحقيق حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، وتقليص الاستبداد، والمعاملة العادلة للمواطنين الأكراد، واستقلال القضاء، وانتقال ديمقراطي حقيقي بمناسبة الذكرى المئوية لتركيا.