أنقرة (زمان التركية)ــ انتقدت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية السياسة الاقتصادية المثيرة التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقالت إنه يراهن على اقتصاد البلاد المتدهور بحلول قصيرة الأجل، من أجل البقاء في الحكم، فيما يرى الخبراء أن هذه الحيل لن تفلح.
يعيش الأتراك أجواءً صعبة في ظل بلوغ البلاد أعلى معدل تضخم نقديـ منذ ما يقرب من عقدين، حيث ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 48.69% على أساس سنوي، بحسب بيانات رسمية لشهر يناير، مما تسبب في اندلاع اجتجاجات في جميع أنحاء تركيا على الزيادات المفروضة على أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي.
أردوغان طرح “نموذجًا اقتصاديًا جديدًا” في ديسمبر المنصرم في مسعى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلاد، بعد انهيار قياسي شهدته الليرة على خلفية سلسلة من تخفيضات البنك المركزي لأسعار الفائدة.
قال المحلل التركي ألب كوكر، رئيس مكتب تركيا لشركة (GPW) للاستشارات، التي يقع مقرها في لندن: ” يمكن للحلول قصيرة المدى أن تنجح سياسياً. لأن السياسيين لا يحتاجون إلى العمل لفترة طويلة حتى يترجموا هذه الحلول المؤقتة إلى نجاح سياسي” وفق صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وذكرت الصحيفة أن هناك عددًا من الأمور الرئيسية التي يجب على أردوغان أن يحققها حتى يتمكن من الحفاظ على استقرار الليرة في الأشهر المقبلة، مثل تحقيق فائض في الحساب الجاري، وخفض الدولرة، مما يحافظ على المدخرات في الحسابات المقومة بالدولار واليورو، والمعادن النفيسة، وعودة المستثمرين الأجانب إلى البلاد.
أوجراس أولكو، الخبير في معهد التمويل الدولي، ومقره واشنطن، توقع أن يبلغ فائض الحساب الجاري في تركيا 4 مليارات دولار هذا العام، مقارنة بالعجز البالغ 15 مليار دولار في عام 2021، و36 مليار دولار في عام 2020، بسبب محدودية الواردات وازدهار الصادرات والسياحة.
وقال أولكو لصحيفة فاينانشيال تايمز: “نتوقع أن تتعافى عائدات السياحة تمامًا وتعود إلى سابق عهدها في 2019″، وأشار في إطار حديثه عن الاستثمار الأجنبي في تركيا إلى عدم وجود مؤشرات على صفقات كبيرة لشراء الأصول التركية.
وعزت فاينانشيال تايمز الاستقرار النسبي المشهود مؤخرا في الليرة إلى تدخل البنك المركزي، مستشهدة ببيع البنك للدولار وشراء الليرة في أوقات الاضطرابات لدعم العملة المحلية.
وتابعت الصحفية: “رغم أن الاحتياطيات الإجمالية الرئيسية لتركيا أظهرت تحسنًا ملحوظًا في الأسابيع الأخيرة إلا أن صافي الاحتياطيات يظل سلبيًا للغاية بمجرد إزالة الأموال المقترضة من خلال اتفاقيات المبادلة مع المقرضين المحليين والبنوك المركزية الدولية. يبلغ الوضع النقدي الحالي لتركيا حوالي 50 مليار دولار اعتبارًا من 16 فبراير، وفقا لمعطيات مؤسسة جولدمان ساكس للخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية”.
ونقلت الصحيفة عن المحلل الاقتصادي والمسؤول السابق بالبنك المركزي التركي أوغور جورسيس قوله: “إلى أي مدى يمكن لحكومة أردوغان الاستمرار مع صافي الاحتياطيات النقدية السلبية؟ إن الأمر يعتمد بالطبع على التدفقات في الأسواق. لكنها نوع من المقامرة؛ حيث إنه يبقى لديها كمية صغيرة جدًا من الاحتياطيات إذا قمنا بخصم المقايضات والذهب”.