بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – البعض قد يفضل النزوع إلى راحة عقله وقلبه – اذا اختلف ابنه او ابنته معه ويطرد الابنة أو الابن من عنايته الأبوية وربما من بيت الأسرة أيضا ، لتصبح الابنة أو الابن أسير كبريائه وأفكاره وظنونه وخبراته الحياتية البسيطة ويذوق وبال أمره وعاقبة إفلات فكره وتمسكه برأيه . وهذا عقاب ، ولكنه عقاب قد يتجاوز السبب الموجب للعقاب بكثير ، وربما يؤدي بحياة الابنة أو الابن ويتسبب في خسائر أخرى خطيرة لمن قد يتعلقون بالابنة أو الابن ، وربما يتسبب في أضرار أخرى عديدة .
في هذا الشأن ، قد نجد في قصة سيدنا نوح مع ابنه عظة ودرس واضحين . فلم يكن ابن سيدنا نوح من المؤمنين ولم يركب في سفينة سيدنا نوح مع المؤمنين ولو حتى من أجل النجاة فقط . ولكن لم ييأس سيدنا نوح من ولده ، ونادى سيدنا نوح ولده باستعطاف داعيا اياه للانضمام الى أهل السفينة وعدم البقاء مع الكافرين الهالكين بعذاب الله – سبحانه تعالى – ورفض الابن وأصر على عناده الخائب الضال . ولكن سيدنا نوح لم ييأس من ولده ، بل راح يدعو الله – سبحانه تعالى – مسترحما إياه من أجل ابنه الذي لم يؤمن ورفض أن يكون مع المؤمنين حتى . فلم يقل سيدنا نوح لابنه أن يذهب حيث يشاء بكفره وعصيانه لأبيه ، بل لم يترك سيدنا نوح فرصة أو خاطرة قد تعين على انقاذ الابن من مغبة عناده وسوء وتقديره وعدم ايمانه بالله لعل الابن ينجو .
علاقة الأبوة علاقة جعلها الله رفيعة الشأن وأقوى من شدائد عظيمة ، ولا تنفكك عراها بسهولة ويسر . وكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته ، كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
فلا تطرد ابنك أبدا من أبوتك ولا من بيتك ولا تحرمه من نصحك ومن رأيك وان كبر الابن سنا ومقاما ، ولكن وجهه – ان استطعت – لعله يسمع أو يعقل ويحسن اليك والى نفسه والى مجتمعه ويجنب الناس شره . ماهر المهدي