يافوز بايدار
صدقوني أنني أشعر بألم في داخلي وأنا أكتب هذه السطور.
إن ما آلت إليه الأوضاع الحالية يوضح أن حكومة حزب العدالة والتنمية لم يبق بها أي شخص عقلاني يفكر قبل أن يدلي بأية تصريحات، باستثناء نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية علي باباجان.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]في الوقت الذي تنتشر فيه الفوضى في جميع أنحاء العالم وتنتشر المشكلات والأزمات دون أن تقف عند حد معين وتعلو نبرات التهديد والتخويف في المجتمع، تقف الحكومة صامتة أمام هذا التطور الخطير الذي تتحول فيه البلاد بسبب السياسات والقرارات الخاطئة في الآونة الأخيرة إلى نمط الدول التي تدار بأنظمة حكم جبارة وتزيد عزلة بلادنا في العالم[/box][/one_third]في الوقت الذي تنتشر فيه الفوضى في جميع أنحاء العالم وتنتشر المشكلات والأزمات دون أن تقف عند حد معين وتعلو نبرات التهديد والتخويف في المجتمع، تقف الحكومة صامتة أمام هذا التطور الخطير الذي تتحول فيه البلاد بسبب السياسات والقرارات الخاطئة في الآونة الأخيرة إلى نمط الدول التي تدار بأنظمة حكم جبارة وتزيد عزلة بلادنا في العالم، وتكتفي الحكومة بالمشاهدة دون الإدلاء بأي تصريح مُطمئن ومسكن ومعتدل وباعث على الأمل في الوضع الراهن.
وأندهش كثيرا من تصرفات رئيس الوزراء أحمد ادوود أوغلو الذي أعرفه منذ سنوات.
فالأكاديمي المخضرم الذي صدرت كتب كثيرة تتحدث عنه بعنوان “الأستاذ”، من المؤسف أن نراه اليوم كسياسي ذي مسؤولية كبيرة لكنه في وضع يصعب علينا التعرف عليه. إذ يقوم بعمل عكس ما يوجبه ويتطلبه العقل والمنطق. وعندما ذهب إلى باريس، ظننا أنه سيفرض هويته وشخصيته المستقلة كرئيس للحكومة وأنه سيتسم بتصرف أصيل وخاص به، إلا أنه بمجرد ما أن عاد إلى أنقرة عاد مرة أخرى إلى الوضع الذي يوافق فيه على ما يمليه عليه سلفه.
شاهدت تصريحات داوود أوغلو أثناء زيارته لبروكسيل، وبعدها، حول حرية الإعلام في البلاد وعن حادث مجلة شارلي إبدو الفرنسية بدهشة.
ماهي الصحافة؟ وكيف يمكن تعريف دور الإعلام في الديمقراطية؟ ومامعنى الحرية التحريرية؟ ولماذا يطلق على الصحافة اسم القوة أو السلطة الرابعة؟ وغيرها من الأسئلة التي قد لا يعرف أجوبتها غيره، ولكن أحمد داود أوغلو نتوقع منه أنه لايجهل جواب هذه الأسئلة بطبيعة دراسته ومسلكه المهني.. أليس كذلك؟
حتى وإن لم يكن يعرفها، فقد كان في فترة من الفترات يكتب مقالات صحفية. ولذلك كان ينبغي عليه أن يتذكر كيف دمرت حرية الصحافة في التسعينيات من القرن الماضي.. أليس كذلك؟
لا لم يحدث ما كنا نتوقعه منه!
ففي الوقت الذي كان عليه أن يدلي بتصريحات ليّنة لتهدئة مشاعر المواطنين بصفته سياسيا مدركا لمسؤوليته، اختار أن يستخدم خطابا متشددا وكأنه يتسابق مع سلفه (أردوغان) في إبداء الغضب والكراهية، واستهدف علنا جريدة بعينها من الواضح أنها جريدة “جمهوريت” التي هي عرضة للتهديد أصلا في هذه الأيام.
ويستخدم العبارات المعتادة لدى مسؤولي الدولة:
“إن حرية الصحافة بكل أشكالها، تتمتع بضمانات في بلادنا”
معذرة يا أستاذ! لم نفهم ما قلته جيدا، هل بإمكانك أن تعيد قولك مرة أخرى؟
” إن حرية الصحافة بكل أشكالها تتمتع بضمانات في بلادنا”
الأسئلة التي لم يستطع الاختزاليون (الصحفيون الموالون للحكومة) طرحها
لم يعد بامكاننا أن نصف ما يجري حتى ب “الدعابة” بعد الآن “.
فقد قال رئيس الوزراء للكتاب الاختزاليين المرافقين له على متن الطائرة أثناء عودته من بروكسل عن البرلمان الأوروبي: “إن البرلمانيين الذين كان يتردد عليهم أعضاء حزب جبهة التحرير الشعبي الثوري في السابق يتردد عليهم هذه الأيام أتباع “الكيان الموازي“.
“نحن نواجه حملة كبيرة لتغيير الإدراك والوعي”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]في الوقت الذي كان عليه أن يدلي بتصريحات ليّنة لتهدئة مشاعر المواطنين بصفته سياسيا مدركا لمسؤوليته، اختار دوود أوغلو أن يستخدم خطابا متشددا وكأنه يتسابق مع سلفه (أردوغان) في إبداء الغضب والكراهية، واستهدف علنا جريدة بعينها من الواضح أنها جريدة “جمهوريت” التي هي عرضة للتهديد أصلا في هذه الأيام.[/box][/one_third]”إن أتباع الكيان الموازي يعتقدون أن رئيس وزراء تركيا يخضع للاستجواب عندما يذهب للاجتماع مع الاتحاد الأوروبي. والواقع على العكس تماما، فأنا أبادرهم بذهابي إلى هناك بصفتي رئيس وزراء تركيا، لأكشف لهم أن الادعاءات حول حرية الصحافة في تركيا لا أساس لها اطلاقا”
“قلت لهم أعطوني مثالا واحدا عن اسم صحفي تعرض للمضايقات. إلا أنهم لم يستطيعوا الاستشهاد باسم واحد. نكرر لهم ونطالبهم بأن يذكروا أسماء من منعناهم أو من ألقينا القبض عليهم، ولكن لايستطيعون الاستشهاد ولو باسم واحد”
“يوجد لدينا 7000 جريدة. وعدد غير قليل من القنوات التليفزيونية. ونحو 500 كاتب صحفي مواظب على كتابة أعمدة ومقالات. وأربعة من بين أكثر 5 صحف مبيعا في تركيا معارضة للحكومة”.
حسنا، جيد!
يبدو وكأنه لاتوجد مشكلة.
ولكن سنطرح هنا عددا من الأسئلة التي يخشى الاختزاليون ولايستطيعون طرحها على رئيس الوزراء..
“سيادة رئيس الوزراء، إن ادعاءاتكم خطيرة ومهمة. ولكن من هم أتباع الكيان الموازي الذين يترددون على البرلمانيين الأوروبيين؟ هل بامكانكم أن تكشفوا لنا عن الأدلة والمعطيات التي لديكم؟”
“سيادة رئيس الوزراء! هل جميع البرلمانيين الأوروبيين مغفلون؟ هل هذا ما تحاولون أن توضحوه لنا؟”.
“أما عن عمليات الحظر والاعتقالات.. فماذا تكون حملة 14 ديسمبر/ كانون الأول 2014؟ ما الذي قاله قاضي التحقيق لرئيس تحرير جريدة “زمان” أكرم دومانلي؟ وأين يقبع رئيس مجموعة قنوات سامان يولو هدايت كاراجا الآن؟ وما الذي تتذكرونه عند سماع اسم الصحفية صدف كاباش؟ وإذا لم تكن ما تعرضت له مطبعة جريدة “جمهوريت” عملية حظر ومراقبة، فماذا سنسميه في رأيك؟”.
“أين حرية الصحافة والإعلام من 25 قرار حظر نشر وتداول أخبار ومعلومات عن قضايا بعينها؟ وكيف ترون قرار المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون بحظر الأخبار المتداولة حول أحداث شاحنات الأسلحة التابعة لجهاز المخابرات؟”.
“هل مؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركية TRT محايدة ومستقلة؟”
“لماذا تتم محاكمة 70 من الصحفيين الذين قاموا بنشر أخبار عن وقائع الفساد والرشوة“.
“ومن الواضح أن مقياس حرية الصحافة في رأيكم هو المقارنة بين عدد الصحفيين المحظورين والعدد الإجمالي للصحفيين في البلاد. ولكن ما رأيكم في واقعة “ألو فاتح”، يا سيادة رئيس الوزراء؟”
“لماذا بكى رجل الأعمال التركي “دمير أورين” (الذي يمتلك بعض الصحف في تركيا واتصل به رجب طيب أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء وصب عليه أغلظ الكلام لما صدر من انتقادات في صحيفته) ؟”.
معذرة يا سيادة رئيس الوزراء! لم نفهم ما قلته جيدا، هل بإمكانك أن تعيد قولك مرة أخرى؟