اسطنبول(أ ب)- فيما قد يكون الفصل الأخير في تحقيقات فساد مثلت يوما ما تهديدا للدائرة المقربة من الرئيس رجب طيب إردوغان يستعد البرلمان التركي للتصويت على محاكمة أربعة وزراء سابقين.
وبالنظر إلى الأغلبية القوية للحزب الحاكم – العدالة والتنمية- يبدو البرلمان مستعدا لمحو آثار التحقيق الذي هز الساحة السياسية التركية نهاية 2013، عندما أذن الادعاء بشن سلسلة من المداهمات، واستهدفت تحقيقات أنجال أربعة وزراء ورجل أعمال إيرانيا بارزا، اشتبه في فسادهم وتلقيهم رشى. واتهم تحقيق آخر نجل إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء حينئذ.
الوزراء الأربعة الذين قدموا استقالاتهم لاحقا يتمتعون بحصانة باعتبارهم أعضاء بالبرلمان، إلا أن الحكومة شكلت لجنة برلمانية للتحقيق في المزاعم قبل تصويت النواب على رفع الحصانة عنهم، وإحالة القضية إلى المحكمة.
يأتي ترجيح تبرئة الوزراء السابقين من التهم الموجهة إليهم قبل أقل من ستة أشهر من الانتخابات البرلمانية. وحتى الآن يبدو حزب إردوغان قادرا على التصدي للأضرار السياسية التي لحقته، بفوزه في انتخابات محليات العام الماضي، إضافة إلى انتصار إردوغان الحاسم في أول انتخابات رئاسية مباشرة بالبلاد.
إلا أن بعض المحللين يقولون إن استغلال الأغلبية البرلمانية لدفن الاتهامات شوه سمعة الحزب. ويقول غاريث جنكينز، المحلل بمعهد سياسات الأمن والتنمية والمقيم في اسطنبول “يظهر ذلك أنه مهما قال إردوغان إنه أسس لتركيا جديدة ففي بعض المجالات لا تزال تركيا القديمة كما هي”.
ويعرب جنكينز عن اعتقاده بأن الجميع يعلمون أن هناك أدلة قوية على أن جذور معظم تلك المزاعم حقيقية وواقعية، رغم أن القضية لم تحول إلى المحاكم بعد.
وتركز الاتهامات على عمليات تحويل أموال لإيران بالمخالفة للقانون، ورشى في مشروعات تشييد. وطفت على السطح تفاصيل عن أموال وجدت مخبأة في صناديق أحذية وحلوى، وساعة فاخرة في رسغ أحد الوزراء، أثرت على مصداقية الحزب الحاكم الذي قاد حملته الانتخابية على أساس محاربة فساد الحكومات السابقة.
لكن أردوغان يعتبر هذه المداهمات جزءا من مؤامرة مدبرة من قبل أتباع داعية إسلامي نافذ مقيم في الولايات المتحدة، والذين يريدون إسقاط الحكومة. وفي أعقاب المداهمات، تحركت الحكومة بسرعة لاحتواء التحقيقات عن طريق نقل الآلاف من ضباط الشرطة ومدعين وقضاة، يتهمون باتباع أوامر الداعية الإسلامي فتح الله غولن.
وأسقط المدعون الجدد القضايا، وردت الملايين من الدولارات التي تم ضبطها مع الفائدة.
وكان وزير الاقتصاد السابق ظافر كاجلايان ووزير الداخلية السابق معمر جولر ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي السابق إيجمان باجيس ووزير البيئة السابق أردوغان البيرقدار نفوا كل الاتهامات المنسوبة إليهم. وقامت اللجنة البرلمانية، التي ضمت أعضاء من المعارضة ولكن الكفة كانت تميل نحو الحزب الحاكم، بتبرئة ساحة الوزراء في تقريرها لعدم كفاية الأدلة. وصوت 9-5 ضد محاكمة الوزراء قبل تصويت اليوم.
وأشار رئيس اللجنة إلى أنه يعتقد أن بعض المواد التي قدمت كدليل في القضية تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني وربما تم تدميرها.
وانتقدت المعارضة نتائج اللجنة، شاكية من أن الحزب الحاكم حال دون الوصول إلى أدلة مهمة. وقال عضو اللجنة من حزب الشعب الجمهوري، رضا تورمين، في مقابلة إن الأدلة التي قدمت دامغة. وأضاف “ليس هناك شك في ما حدث. في هذه الملفات لدينا جميع التفاصيل: ما المبالغ التي تم تسليمها ولأي من الوزراء وفي أي تاريخ وعلى يد من وإلى أي عنوان”.
لكن عضوة اللجنة من حزب العدالة والتنمية، عائشة توركمان أوغلو، قالت إنه حتى لو اعترف الوزراء بالتهم “، فإن ذلك لن يثير شكوكا كافية لدي بأنهم ارتكبوا جريمة”.
وأكد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو على أن الحكومة لم تتدخل في عمل اللجنة.
وقال داود أوغلو “الآن على الجميع إظهار الاحترام للتقرير. وستصدر الجمعية الكبرى (البرلمان) قرارها وفقا لنفس القواعد القانونية “.