بقلم: ماهر مهدي
(زمان التركية)- كان بريق طفلا جميلا براقا في سنوات عمره الأولى ويمتلئ بالحيوية والمرح وحب كل شىء حوله . ولا شيء حوله ينبىء الا بالخير . لذا أحب بريق أهله وكل من رأوه على الفور . وفجأة التهب جسم بريق يحبوب او بثرات غريبة ظهرت في مختلف انخاء جسمه الصغير مصحوبة بالرغبة في حك موضع الحبوب أو البثور . فتظهر الحبة في موضع ما ، ثم تكون قشرة لا تلبث أن تجف وتسقط تاركة مكانها بقعة مستديرة صغيرة أو كبيرة . ويعود الجسم الى طبيعته . وبعد فترة – تطول أو تقصر – تعاود البثور الظهور من جديد ، لتعيد نفس مراحل الدورة السابقة .
لجأ أهل بريق الى الكشف الطبي والى العلاج اللازم على الفور متوسمين خيرا . وانتظر الجميع ان يشفى بريق مما به . ويتحسن بريق قليلا دحتى ليظن اهله انه شفى ، ثم تعاود البثور إصابته وإعادة دورة دورتها مرة أخرى ، كان بريق لم يتناول علاجا أبدا . والأهل يحتارون ويدعون الله بالشفا ويجتهدون في الاتصال بكل طبيب يسمعون عن خبرته أو عن شطارته وصدق حدسه الطبي ، ثم يقدمون الى بريق ما يوصي به الطبيب الجديد من دواء . وبريق يتحسن حينا وينتكس حينا . و،البحث جار مستمر عن كل طبيب – في الداخل والخارج – يمكن أن يجود بنصيحة ناجعة لبريق الحبيب ، ولا تجدي نصيحة في القضاء على البثور العائدة كل حين إلى جسد بريق .
انتهت كافة التقديرات الطبية الى احتمالات الإصابة البكتيرية او الفيروسية الطفيلية أو الإصابة بنوع من الحساسية . ومرت ثلاث سنوات ونصف وبريق يحقن ويدهن ويعطى كافة أشكال الدواء بالفم دون تقدم، بينما يتراجع مزاجه ويقل حماسه للاختلاط بالناس ويقل اقباله على الحياة ، الأمر الذي بدأ ملحوظا تدريجيا . فلم يتردد الاله في عمل فحوص وتحاليل وأشعة شاملة مجددة بأحد المراكز الطبية الحديثة ، لعلهم يهتدون .
نفت التحاليل والفحوص الطبية إصابة بريق بفيروسات او بكتيريا او طفيليات ، فكانت هذه أخبارا ممتازة لأهل بريق حقا . ولكن ذات التحاليل والفحوص اشارات إشارة واضحة الى تأثر جسد بريق سلبا بكثرة الدواء الذي تناوله خلال سنوات العلاج السابقة . فتاثر كبد بريق وقلبه وتأثرت الغدة الكظرية لديه ، بحيث أصبح هناك خطر جديد من فعل العلاجات المستمرة دون توقف .
هنا أيقن أهل بريق أن عليهم ان ينخذوا قرارا وأن العلاج الأفضل ربما يكون في وقف تقديم كافة الأدوية الى بريق ، لتتاح لجسمه الفرصة للتخلص مما يضره ومما لا يحتاجه ويثقل عليه ويعاود الحياة على طبيعته مرة أخرى . فقد حار الجميع ولم يهتدوا الى حل أو طريقة ، وربما شفى الله مريضهم بفضله تعالى . وارتاحت أنفسهم الى ما قرروا ، كما أرتاح بريق من جرعات العلاج التي أنهكت جسده وأهمته وأحزنته . وتحسنت معنويات بريق وبدأ يعود رويدا رويدا الى حيويته ونضارة روحه والى بريق اسمه .
صحيح ، ان الإنسان لا يعلم الا القليل ، وصحيح أن الشفاء من عند الله ، مثلما هى الأعمار بيد الله سبحانه تعالى .