لندن (زمان التركية) – زعم كاتب تركي في مقالين تحليليين مختلفين نشرتهما صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في نسختها العربية أن حكومة أردوغان ليست بريئة من الأحداث الأخيرة التي شهدتها كازاخستان.
تورغوت أوغلو، المحلل السياسي التركي، لفت الأنظار في المقالين المذكورين إلى التزام أنقرة والرئيس رجب طيب أردوغان الصمت في الأيام الأولى من اندلاع الأحداث العنيفة في ألماتي، وكأن هناك ترقبًا لنجاح مخطط ما، وفق تعبيره.
بحسب الكاتب، فإن هذا المخطط حمل مسمى “الربيع التركي”، الوصف الذي أطلقته وسائل الإعلام الرسمية التركية على أحداث كازاخستان في بدايتها، أملا في أن تطيح الاحتجاجات بالزعيم الكازاخي وتتوسع في آسيا الوسطى لتعم مختلف الدول التركية.
انهيار مخطط أردوغان في كازاخستان
ادعى الكاتب أن هذا المخطط التركي تحطم “بعد دخول الجنود الروس إلى كازاخستان”، حيث أزالت وسائل الإعلام المقربة من أردوغان عبارة “الربيع التركي” من صفحاتها سريعًا.وجاء في المقال الأول بعنوان “ماذا يجري في كازاخستان؟” أنه “كان من الممكن إرسال وفد على الأقل، إلى ذلك البلد الشقيق كازاخستان، منذ اليوم الأول بهدف التهدئة. وكان في إمكان منظمة (اتحاد الجاليات التركية) أن تتدخل في الحدث”، إلا أن العكس هو ما حدث.
أردوغان يستعين بالمافيا والمعارضة
وحول التأثير المباشر لحكومة حزب العدالة والتنمية في الأحداث، زعم تورغوت أوغلو أن أردوغان دعم المافيا والمعارضة الكازاخية من أجل إشعال الأحداث في كازاخستان.
وذكر أن ديمتري ديكي، أكبر زعماء المافيا في كازاخستان، الذي شارك في التظاهرات حضر أنقرة قبل الأحداث والتقى في تركيا أكبر زعماء المافيا الذين يدعمون أردوغان وقادة التنظيم الإرهابي التابع لتنظيم “داعش” الذين يؤيدون أردوغان.
بعد ذلك، التقى ديكي وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو، وقد نشرت الصور التي جمعت الوزير وهذا الرجل على مواقع التواصل الاجتماعي. وحاول تشاويش أوغلو حذفها، إلا أن التسجيلات انتشرت، وهي متاحة الآن للجميع.
وأضاف الكاتب: “علينا أن نتساءل: لماذا يجتمع وزير خارجية دولة ما مع زعيم مافيا في بلد آخر، ثم يشارك هذا في تظاهرات عارمة؟ هذا يدل على أن حزب أردوغان حاول أن يدعم الكيانات من نوع داعش في آسيا الوسطى على غرار الدعم الذي قدمه لمنظمات مماثلة في الربيع العربي. وعندما لم تنجح محاولاته هذه المرة غيّر لهجة خطابه”.
غياب دور منظمة الدول التركية
في المقالة التالية بعنوان “عودة موسكو إلى آسيا الوسطى… ومخططات أنقرة باءت بالفشل” قال المحلل السياسي التركي: “كنت أتوقع أن تضطلع أنقرة وتركيا ومنظمة الدول التركية، بدور دبلوماسي جاد في التطورات الجارية في كازاخستان”.
وأردف الكاتب: “وبطبيعة الحال يريد جميع الأتراك أن تلعب هذه المنظمة دوراً استراتيجياً فاعلاً في سائر القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية. وكنت أشرت في مقالتي السابقة إلى دور حكومة “حزب العدالة والتنمية” في أحداث كازاخستان. وكيف أن ديميتري ديكي، أكبر زعيم مافيا في كازاخستان، كان اجتمع قبل اندلاع تلك الأحداث مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو. وانتشرت صورهما آنذاك على وسائل الإعلام. وبعدما تحريت عن الموضوع، لفت نظري أن قادة المعارضة الكازاخية هم أيضاً يعيشون في تركيا، وباتوا يظهرون على وسائل الإعلام التركية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم، بما فيها القناة الرسمية (TRT).
وأشار الكاتب إلى أن بعض هؤلاء القادة الكازاخيين المعارضين، لا سيما الشباب منهم، يواجهون اتهامات بالانتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، ورجع البعض منهم إلى كازاخستان قبل بدء الأحداث الأخيرة.
ثم لفت الكاتب إلى إلقاء السلطات الكازاخية القبض على هؤلاء المعارضين في التظاهرات، بعدما قاموا بذبح جنديين بقطع رأسيهما، مما أدى إلى ردة فعل قوية لدى الجمهور تجاه هذه الأعمال التخريبية وانسحب عدد كبير منهم من الاحتجاجات، مذكرا بأن وسائل التواصل الاجتماعي نشرت صورا لرد فعل الجمهور على المنظمات الإرهابية المتطرفة.
ونوه الكاتب بأنه تواصل مع سفير تركيا في كازاخستان وأكد له أن السلطات الكازاخية ألقت القبض على هؤلاء الأشخاص مع رئيس المافيا ديميتري ديكي.
وقال الكاتب إنه لا يوجه انتقاداته إلى “الدولة التركية” بقدر ما يوجهها إلى “حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان” تحديداً، واصفا مشروعه بـ”المظلم”، ومتهما إياه بتوظيف الإسلاميين في تحويل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي إلى حمام دم.
تركيا تخسر كازاخستان
الكاتب أعاد للأذهان أن المعارضة التركية تتهم حكومة حزب العدالة والتنمية بتقديم الأسلحة والمواد الغذائية والدعم اللوجيستي لـ”داعش” من خلال منظمات الإغاثة والمافيا، لتنفيذ عمليات مظلمة في آسيا الوسطى، لكنها تنفي بشدة هذه الاتهامات بطبيعة الحال.
واستدرك الكاتب قائلا: “ولكن عندما أرسلت “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” قواتها إلى كازاخستان، بقيادة روسيا، تحطمت كل أحلام الكيانات المظلمة الإسلاموية والقومية في تركيا.
واعتبر الكاتب أن الموقف المشبوه لحكومة حزب العدالة والتنمية من أحداث كازاخستان أبعدها عن تركيا، ما دفعها إلى الاقتراب من روسيا والصين أكثر، كما أن أردوغان وجه ضربة قوية إلى علاقات تركيا التي تحاول إقامتها مع أشقائها في آسيا الوسطى منذ ثلاثة عقود.
–