أنقرة (زمان التركية)ــ قالت منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW) الحقوقية الدولية إن حكومة حزب العدالة والتنمية، تسببت في انتكاسة لسجل حقوق الإنسان في تركيا، وأشارت إلى جرائم الاختفاء القسري واختطاف المعارضين من الخارج وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى تجاهل قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الإفراج عن المعتقلين لأسباب سياسية.
“رايتس وتش” قالت في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في تركيا إن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان واصلت استهداف منتقدي الحكومة والمعارضين السياسيين، وهو ما أدى إلى تقويض السلطة القضائية بشكل كبير وأثر على استقلال القضاء، ونتج عن ذلك أيضا إفراغ المؤسسات الديمقراطية. من المعنى الذي تأسست من أجله.
تجاهل قرارات المحكمة الأوروبية
كما انتقد تقرير هيومن رايتس ووتش استمرار حبس الناشط المدني رجل الأعمال عثمان كافالا على الرغم من الحكم الملزم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر 2019 والذي خلص إلى أن احتجازه بتهمة تمويل احتجاجات حديقة جيزي عام 2013 وتورطه المزعوم في محاولة انقلاب فاشلة في يوليو / تموز 2016، كلها مزاعم غير صحيحة وأن السبب الخفي وراء اعتقاله وسجنه هو إسكاته كونه مدافعا عن حقوق الإنسان.
كما انتقدت المنظمة الدولية استمرار سجن الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش منذ نوفمبر 2016 على الرغم من حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في نوفمبر 2018 بأن احتجاز دميرطاش السابق للمحاكمة كان سياسيًا وأمرت المحكمة الأوروبية بالإفراج عنه، إلا أن المحاكم التركية رفضت تنفيذ الحكم حيث قامت إحدى محاكم الاستئناف المحلية بتأييد الحكم بالسجن الصادر ضد دميرطاش وذلك بدعوى نشره دعاية إرهابية.
الإساءة إلى المرأة في تركيا
وعلاوة على ماسبق فقد شهدت تركيا وفق التقرير انتكاسات كبيرة فيما يتعلق بمجال حقوق المرأة حيث انسحبت تركيا من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي والمعروفة أيضًا باسم اتفاقية اسطنبول.
كما واصلت الحكومة التركية تشديد القيود على وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي من خلال جعل “التضليل” عبر وسائل التواصل الاجتماعي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وأكد التقرير أن آلاف الأشخاص يواجهون بالفعل كل عام الاعتقال والمحاكمة بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن التهمة غالبا هي التشهير أو إهانة الرئيس أو نشر دعاية إرهابية. وفق هيومن رايتس ووتش.
أما عن اساءة معاملة المعتقلين فقد زادت مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في مراكز احتجاز الشرطة والسجون، وعلى الرغم من ذلك لم يحرز المدعون تقدمًا يُذكر في التحقيق في هذه الادعاءات في عام 2021، ومن الأمثلة المحزنة على ذلك العثور على سجينة زعمت أن حراس السجن ضربوها وتحرشوا بها جنسياً ميتة في زنزانتها في ديسمبر / كانون الأول، كما زعم مهربين إيرانيين تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب في نقطة عسكرية على الحدود الإيرانية في مقاطعة وان التركية في أبريل / نيسان، بالاضافة إلى ذلك فقد صرح الطلاب الذين تم اعتقالهم خلال احتجاجات جامعة بوغازجي العام الماضي أنهم تعرضوا للتعذيب والإهانة وسوء المعاملة من قبل الشرطة، وغيرها الكثير من الأمثلة التي لا يمكن حصرها في التقرير، إلا أن السلطات التركية تقاعست عن التحقيق بشكل مناسب في تلك الوقائع.
الاختفاء القسري في تركيا
كما تقاعست السلطات في التحقيق في وقائع الاختطاف والاختفاء القسري فقد أفادت تقارير باختطاف ما يقرب من 30 شخصًا من قبل المخابرات التركية منذ عام 2016 واستهدفت معظم عمليات الاختطاف أعضاء في حركة -الخدمة- كولن حيث تعتبر تركيا الحركة مسؤولة عن محاولة الانقلاب في 15 يوليو / تموز 2016، ومن الأمثلة على ذلك اختفاء حسين غالب كوتشوكوزيجيت وهو موظف حكومي سابق في أنقرة في 29 ديسمبر 2020، وظل الأمر مجهولا حتى 14 يوليو / تموز2021 حيث أبلغت السلطات عائلته بأنه محتجز على ذمة المحاكمة. ومثال أخر هو يوسف بيلج تونج ، الموظف البيروقراطي السابق الذي اختفى في أنقرة في 6 أغسطس 2019 ولا يزال مفقودًا حتى اليوم.
اختطاف وترحيل معارضين
وبحسب التقرير فإن “السلطات التركية مسؤولة أيضًا عن اختطاف وتسليم أعضاء الحركة من مختلف الدول حول العالم وغالبًا ما يتم ذلك بالمخالفة للقوانين الدولية ودون اتخاذ الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، ويكفي أن نذكر حالتان من هذا القبيل ففي عام 2021 تم اختطاف أورهان إيناندي مدير مدارس في قيرغيزستان في 31 مايو / أيار وتسليمه إلى تركيا من قيرغيزستان، وفي أول جلسة استماع له في المحكمة قال إيناندي إنه تعرض للتعذيب لمدة 37 يومًا وانفطر في البكاء وهو يذكر التفاصيل لمدة ساعة ونصف.كما أعلنت تركيا في 31 مايو / أيار أنها “اختطفت” صلاح الدين كولن وهو مواطن تركي طالب باللجوء في كينيا وتم نقله إلى تركيا”.
وذكر التقرير أيضا أنه في العام الماضي ازداد خطاب الكراهية والجرائم ضد المهاجرين بشكل كبير في تركيا، فهناك مؤشرات تؤكد على زيادة الهجمات العنصرية المعادية للأجانب، فعلى سبيل المثال في 10 أغسطس / آب هاجمت مجموعة من الشباب أماكن عمل ومنازل لسوريين في أحد أحياء أنقرة وفي اليوم التالي طعن شاب سوري شابين تركيين مما أسفر عن مقتل أحدهما.