دبي (زمان التركية) – دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الحكومات والمؤسسات العربية إلى بذل الجهد من أجل تعزيز حضور اللغة العربية كوسيط لنقل وتلقي العلوم والتكنولوجيا.
وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، في معرض إكسبو 2020 تحت عنوان: “اللغة العربية: جسر للتواصل الحضاري”، قال أبو الغيط إنه يجب معالجة مشكلة الإنتاج العلمي والإبداع والابتكار العربي… إذ يؤدي ضعف المحتوى العربي، على الوسائط المختلفة.. من الكتاب إلى الانترنت.. إلى وضع يكون فيه اتقان اللغات الأخرى البوابة الوحيدة المتاحة أمام الشباب للوقوف على آخر مستجدات المنتج الحضاري الإنساني، وبخاصة المنتج العلمي… والحقيقة أن اللغة العربية، وكما نعلم جميعاً، لديها من الإمكانات وسعة الألفاظ والاشتقاقات، ما يجعل منها لغة علمٍ بامتياز.. إلى جوار كونها لغة شاعرة أيضاً.
أضاف أبو الغيط: عندما نتحدث عن الحضارة العربية في عصرها الذهبي، منذ القرن الثامن الميلادي، فإننا نتحدث في الحقيقة عن شبكة واسعة من حدود المحيط الأطلسي، وحتى حدود الصين… هذه الشبكة احتضنت ثقافات شتى، وأدياناً وأعراقاً متنوعة.. غير أن العنصر الرئيسي فيها كان اللغة العربية… هذه اللغة هي التي جعلت كلاً من الخوارزمي، المولود في خوارزم، وعاش في القرن الثامن الميلادي… وابن سينا، المولود في بخارى (أوزباكستان حالياً)، وعاش في القرن الحادي عشر الميلادي.. وابن رشد، المولود في قرطبة، وعاش في القرن الثالث عشر الميلادي.. جعلت من هؤلاء، الذين ولودوا وعاشوا في أزمنة مختلفة وأماكن متباينة وتحدثوا ألسنة شتى … جزءًا من “عالم عقلي” واحد.. ومشاركين في ثقافة واحدة تمثل اللغة العربية نواتها الأساسية، والرابط الجامع بين أوصالها.
إن الشبكة الإنسانية التي نسجتها الحضارة العربية الإسلامية كانت أعظم منجزاتها وأهم اسهاماتها في مسار الحضارة البشرية كما نعرفها اليوم.. إذ كانت تلك الشبكة مجالاً لتبادل السلع والبضائع من المحيط الهندي وبحر الصين .. إلى البحر المتوسط .. وبالعكس… وكانت أيضاً فضاء لتلاقح الأفكار وتدفق المعلومات وإثراء الخبرات في كافة مناحي الحياة.. ونعرف اليوم أن الشبكات، كلما اتسعت وتنوعت، كلما كانت أكثر توليداً للابتكار والابداع.
وعلينا أن نقف طويلاً، بالتأمل والتدبر، أمام العقل الذي أبدع هذه الشبكة وعزز توسعها .. هل كان عقلاً منغلقاً، خائفاً من الآخر، أو كارهاً له، عازفاً عن التواصل معه؟ أم كان عقلاً منفتحاً، يقف على أرض ثقافية صلبة، فلا يرى في التواصل ما يخيف، ولا في التبادل ما يُخشى منه؟
كما أعلن أبوالغيط عن أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ستطلق شهر اللغة العربية ابتداء من يوم 21 فبراير القادم المصادف لليوم العالمي للغة الأم وإلى غاية 22 مارس تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية، بالتعاون مع المجلس الدولي للغة وقال “أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن خالص الشكر لهذه المؤسسة على جهودها المخلصة لدعم اللغة العربية وصونها”.
وفي الختام، أقول إن العربية بخير ما دام الناطقون بها عارفين بفضلها وإمكاناتها.. حافظين لتراثها ورسالتها.. مؤمنين بدورها ومكانتها.. مقتنعين بأهمية تجديدها وتعزيز انفتاحها على الثقافة العالمية.. فاللغة إن لم تتنفس فناً وابداعاً وابتكاراً، ضمرت وتكلست.. ولغتنا طالما أبدعت وقدمت للعالم منتجاً إنسانياً فذاً في عصور الانفتاح.. فهي قادرة على الابداع من جديد إن نحن فتحنا لها النوافذ.. وأطلقنا الطاقات الهائلة الكامنة في ثنايا حروفها البديعة وبلاغتها المعجزة.