برلين (زمان التركية) – أظهر تقرير أن السلطات في تركيا قدمت معلومات مضللة للإنتربول والدول الأعضاء فيه من خلال إنشاء طلبات احتجاز وتسليم مضللة وقد أثبت التقرير بالأدلة تلك الحقيقة من خلال عرض حالتين.
التقرير الصادر عن مؤسسة الصحفيين والكتاب (JWF)، وهي مؤسسة مقرها نيويورك تكرس جهودها من أجل دعم ونشر ثقافة السلام، ركز على قضية المدرس صلاح الدين كولن، وهو ابن شقيق المفكر الإسلامي فتح الله كولن، فقد أعيد صلاح الدين قسراً من كينيا إلى تركيا في مايو / أيار 2020.
كذلك ألقى التقرير الضوء على ما تعرض له رجل الأعمال التركي معاذ تركيلماز، والذي أمضى عدة أشهر في الاحتجاز قبل تسليمه، داخل بنما بعدما قامت سلطات الهجرة البنمية بمصادرة جواز سفره في سبتمبر 2020.
ويعد صلاح الدين كولن وتركيلماز من بين المعارضين للنظام التركي في الخارج، وقد استهدفتهما حكومة حزب العدالة والتنمية التركي بسبب صلاتهم بحركة الخدمة، وهي حركة ذات مرجعية إسلامية، وقد صنفها الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية كمنظمة إرهابية واتهمها بالقيام بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016 من دون تقديم الدليل على مدعاه.
ومن المعلوم دوليا أن حركة الخدمة تركز على تعليم العلوم والعمل التطوعي والمشاركة المجتمعية والعمل الاجتماعي والحوار بين الأديان والثقافات، وهي مستوحاة من أفكار المفكر فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة، وقد نفت بشدة حركة كولن تورطها بأي شيء يتعلق بالانقلاب الفاشل أو تورطها في أي عمل غير قانوني فضلا عن التورط في أي أنشطة إرهابية كما تزعم الحكومة التركية.
وتشير كلتا الحالتين إلى أن محاولات حزب العدالة والتنمية المستمرة منذ محاولة الانقلاب الفاشل في عام 2016 من أجل “ترهيب المعارضين في الخارج عبر إصدار إخطارات حمراء سياسية من الإنتربول بما يتعارض مع روح دستور الإنتربول والقانون الوطني والدولي المعمول.
ورد في التقرير أنه في أثناء السفر إلى الخارج تم اعتقال آلاف المواطنين الأتراك بسبب النشرات الحمراء أو إلغاء جوازات السفر الخاصة بهم، أو تعرضهم للترحيل القسري إلى تركيا أو على أقل تقدير مواجهة خطر الترحيل إلى تركيا.
فوفقًا لبيانات وزارة الداخلية التركية تم التحقيق مع 622.646 فردًا لصلاتهم بحركة كولن، بينما تم اعتقال 301،932 بحلول نهاية فبراير 2021 وذلك كجزء من حملة القمع المحلية التي يمارسها حزب العدالة والتنمية بعد محاولة الانقلاب الفاشل، كما أكدت الحكومة التركية عبر وسائل إعلانها الرسمي أيضًا أنها تمكنت من “اختطاف 139 ضحية من 33 دولة ونقلهم بشكل غير قانوني إلى تركيا” وذلك كجزء من حملة التطهير العالمي الذي تقوم به الحكومة التركية منذ عام 2014، وهو احصائيا يجعل تركيا الدولة الأولى التي تنفذ عمليات الترحيل السري من دول أخرى.
وقد ورد في التقرير أيضا، أن قضية صلاح الدين كولن تعد مثالًا متكاملا على الانتهاك السياسي لنظام الإنتربول من قبل تركيا، فمنذ أن تم البحث عنه بسبب الجرائم المزعومة التي حوكم عليها بالفعل وتمت تبرئته منها في عام 2018، ليتم احتجازه بعدها في مطار نيروبي في 17 أكتوبر 2020 بناءً على إشعار نشرة حمراء صادر عن مكتب الإنتربول في أنقرة، و”بعد اختطافه ونقله بشكل غير قانوني إلى أنقرة تم التحقيق معه ومقاضاته من قبل السلطات التركية بشأن جرائم متخيلة ضد النظام الدستوري والإرهاب، وتشير الفقرة الأولى من لائحة الاتهام ضد صلاح الدين كولن على وجه التحديد إلى حقيقة أنه ابن شقيق فتح الله كولن ويبدو أنها “جريمته” الوحيدة طوال لائحة الاتهام “.
وقد ذكر التقرير أن قضية تركيلماز هي مثال آخر على الانتهاك السياسي لنظام الإنتربول من قبل تركيا، مضيفًا أنه على الرغم من اعتقاله في 14 سبتمبر 2020، في مدينة بنما حيث كان يستقل طائرة متجهة إلى هولندا إلا أنه أخيرا أفرجت عنه المحكمة وتمكن من الوصول إلى بلد ثالث بأمان، بعد عدة أشهر قضاها محتجزا في السجون البنمية قبل تسليمه.
ووفقا لما ورد في التقرير”بعد تحليل قضيتي صلاح الدين غولن ومعاذ تركيلماز، يتضح أن الاتهامات التي وجهت ضدهما لا أساس لها من الصحة، وهو ما دعى كل من الأمانة العامة للإنتربول وحكومة بنما لرفض طلبات الحكومة التركية، فمن الواضح أن السلطات التركية قدمت معلومات كاذبة إلى الإنتربول والدول الأعضاء من خلال فبركة تقارير كاذبة وهي و ما يجعل من طلبات الاعتقال والتسليم مضللة.
وأكدت مؤسسة الصحفيين والكتاب على أن سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان يستدعي القلق الشديد، حيث أن تقارير حقوق الإنسان تؤكد على وجود الاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري للمعارضين داخل تركيا، الأمر الذي يثير مخاوف جدية من أنه “إذا تم تسليم أو نقل الأفراد الصادر ضدهم إخطارات الإنتربول الحمراء فإنهم سوف يتعرضون لخطر التعذيب أو سوء المعاملة أو حتى الموت.”
ويأتي إعداد هذا التقرير ونشره قبل الدورة التاسعة والثمانين للجمعية العامة للإنتربول والمقرر انعقادها في اسطنبول في الفترة من 23 إلى 25 نوفمبر / تشرين الثاني، ويستهدف التقرير أيضا إلى تذكير السلطات التركية بأن “تجعل إجراءاتها متسقة مع دستور الإنتربول ومجموعة المبادئ التي تحمي حقوق الإنسان”، بالإضافة إلى حث الاتحاد العالمي للإنتربول وجميع الدول الأعضاء الأخرى على “اعتماد نهج أكثر حذرًا متوافقا مع روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عند إنفاذ الإخطارات أو النشرات الصادرة عن تركيا “.