القاهرة (زمان التركية)ـــ قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمـد أبـو الغيـط، إن حل أزمة المياه في المنطقة العربية، يجب ان يتم عبر وضع إتفاقات دولية ملزمة وعادلة حول استغلال المياه المشتركة وفق مسارات تفاوضية تجعل من الماء وسيلة للتعاون والتنمية المشتركة، لا سلاحاً للسيطرة.
جاء ذلك فــي افتتاح الدورة الثالثة عشرة، للمجلس الوزاري العربي للمياه، اليوم الخميس.
وفيما يلي نص كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية:
إن مؤشرات الوضع المائي في المنطقة العربية مقلقة وأرقامها واضحة ولا تحتاج لمزيد من التبيان … إذ بسبب نقص المياه تُشكل الأراضي الصحراوية والمهددة بالتصحر الجزء الأكبر من الدول العربية، تصنف 60% منها كأراض متدهورة وشديدة التدهور … وهي نسبة في ارتفاع مستمر بسبب زحف التصحر وإستمرار مواسم الجفاف لفترات أطول.
وبالرغم من كل الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول العربية لتحسين استفادة المواطن من خدمات المياه لا يزال ما يربو عن 40 مليون نسمة محرومين من هذا الحق الأساسي … وفي هذا الصدد تشير التقديرات إلى أن تحقيق الهدف السادس من أجندة التنمية المستدامة في الوطن العربي يتطلب مضاعفة الانفاق في مجال المياه لأكثر من 4 مرات … وهذا أمر غير متاح لكثير من دولنا خاصة في ظل هذه الظروف المالية الضاغطة والتي زادت الجائحة من شدتها.
لقد بدا جلياً اليوم أن التغير المناخي، الذي تعد المنطقة العربية للأسف من أكثر المناطق تعرضاً لتبعاته،.. ساهم في تعقيد التحديات وزيادة أزمة العطش التي نعيشها بتأثيره على قضية المياه بشقيها، فبالإضافة إلى تراجع المعدلات السنوية لهطول الأمطار، وجفاف بعض الأنهار وتراجع كميات المياه الجوفية غير المتجددة … ساهم التغير المناخي في ارتفاع منسوب مياه البحر وزحف الملوحة على الأراضي الزراعية كما في الدلتا والمناطق الساحلية … بالإضافة إلى تواتر الظواهر الطبيعية العنيفة كالفيضانات والسيول الطينية الجارفة وما تخلفه من خسائر بشرية واقتصادية تهدد الأمن القومي العربي وتزيد من اتساع الفجوة الغذائية التي تعاني منها منطقتنا.
وفي هذا الصدد… علينا إستغلال كل الفرص والوسائل التي تتيحها آليات التعاون الإقليمي والعمل الدولي متعدد الأطراف لشرح الأخطار التي تهدد الأمن المائي العربي… واسمحوا لي هنا أن أهنئ جمهورية مصر العربية التي ستحتضن رسمياً قمة المناخ (COP27) العام القادم… وأثق بفوز دولة الإمارات أيضاً باستضافة أعمال هذه القمة لعام 2023 … وأرى أنهما فرصتان سانحتان لتسليط الضوء على قضايا البيئة العربية بما فيها الوضع المائي بكل تعقيداته.
وكما تعلمون … إن حل أزمة المياه في المنطقة العربية، نظراً لخصوصيتها الجغرافية، … يتجاوز معالجة البعد الفني لها … ويتطلب جهداً عربياً موحداً لحماية الحقوق العربية المشروعة من المياه العابرة للحدود … إذ لا يجب أن تعتدي المشاريع المستحدثة في دول الجوار على الحق العربي في الحياة. وفي هذا الصدد… لا أملّ من تكرار موقف الجامعة العربية الذي عبّرتُ عنه مراراً وبوضوح في كل المنابر بضرورة وضع إتفاقات دولية ملزمة وعادلة حول استغلال المياه المشتركة وفق مسارات تفاوضية تجعل من الماء وسيلة للتعاون والتنمية المشتركة، لا سلاحاً للسيطرة… إن هذا النهج هو السبيل الأوحد لبناء غد أفضل.
وفي هذه المواقف العصيبة تبرز أهمية وحدة الصف العربي… إذ يقع على عاتقنا كعرب الحديث بصوت واحد لنقود تحالفاً يرسم مبادئ عادلة في تقاسم المياه، ويرسخها في قواعد ملزمة للجميع.
وعلى صعيد آخر، إننا نحتاج لمواجهة هذه التحديات المتعاظمة والتي أشرت إلى بعضها آنفاً إلى وضع سياسات وطنية وإقليمية تأخذ في الاعتبار الترابط الوثيق بين مواضيع التغير المناخي والأمن المائي والأمن الغذائي والطاقة… وتشارك في تنفيذها كل القطاعات… وأشيد هنا على نحو خاص بمبادرة مجلسكم الموقر الرامية إلى بناء شراكات مع قطاعات أخرى لمعالجة القضايا متعددة الأبعاد… وسعيه الحثيث لتنفيذ مخرجات الاجتماع المشترك بين قطاعي المياه والزراعة.
السيدات والسادة،
لقد إطلعت باهتمام كبير على الموضوعات التي سيتناولها مجلسكم الموقر… وهي مواضيع في غاية الأهمية لنا جميعاً كتحديث إستراتيجية الأمن المائي العربي ووثيقة المبادئ الاسترشادية لتعاون الدول العربية حول المياه المشتركة فيما بينها، والإحاطة المقدمة لحضراتكم حول التحضير للمنتدى العالمي التاسع للمياه المقرر عقده العام القادم في السنغال… وغيرها… وأثق بأن هذا المجلس سيخرج بقرارات تخدم أهدافنا المشتركة، وأتطلع إلى حشد الجهود وتضافرها لوضعها موضع التنفيذ.
ختاماً لا يسعني إلا أن أجدد شكري لمجلسكم الموقر… متمنياً لكم كل التوفيق والسداد.