إسطنبول (زمان التركية) – كشف مسؤول استخباراتي كبير سابق عن جرائم تورط فيها حلفاء للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعلى رأسهم وزير الداخلية الأسبق محمد أغار الذي ينتمي إلى التيار القومي المحافظ، وزعيم حزب الوطن دوغو برينجك الذي ينتمي إلى التيار القومي العلماني.
تحدث محمد إيمور، الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في منظمة الاستخبارات الوطنية (MİT) عن أنشطة الدولة العميقة في تركيا، زاعمًا أن دوغو برينجك عميل لصالح بريطانيا والولايات المتحدة رغم أنه يرفع في الظاهر راية “الأوراسية” المعارضة للحلف الأطلسي.
وأكد أيمور في مقابلة مع موقع تي 24 (T24) الإخباري اليوم الخميس أن الدولة (العميقة) قتلت 18 شخصًا من أجل المال في التسعينيات، حيث قال: “إن رجال الدولة العميقة قالوا لمجموعة معينة من الأشخاص: يجب عليكم أن تمنحون المال وإلا قتلناكم!”.
تطرق أيمور في المقابلة الصحفية إلى الأنشطة غير القانونية التي تورطت فيها عناصر الدولة العميقة في تركيا، التي تنقسم إلى جناح أطلسي يرفع راية القومية المحافظة، وجناح أوراسي يرفع راية القومية العلمانية.
يذكر أن ما مجموعه 19 مشتبهاً بهم، بمن فيهم وزير الداخلية الأسبق ورئيس الشرطة السابق محمد آغار، الذي ينتمي إلى التيار القومي المحافظ الموالي للمعسكر الأوراسي، ومسؤول المخابرات السابق كوركوت إيكين، خضعوا للمحاكمة وأدينوا وسجنوا في جرائم قتل استهدفت أغلبها رجال الأعمال الأكراد تحت شعار الحفاظ على مصالح الدولة.
بعد أن ظل متخفيًا عن الأنظار، ويجني أرباحًا شهرية من خلال عضويته في عدد من مجالس إدارة كبريات شركات القطاع العام، تصدر مؤخرًا اسم محمد أغار عناوين الصحف عدة مرات، على خلفية الاتهامات التي وجهها له زعيم المافيا سادات بكر، الموجود حاليا في الإمارات العربية المتحدة، واصفًا إياه بـ”رئيس الدولة العميقة”.
سادات بكر اتهم كلا من وزير الداخلية الأسبق محمد أغار، ورجله في حكومة أردوغان وزير الداخلية الحالي سليمان صويلو وشخصيات سياسية أخرى بارتكاب جرائم لا حصر لها، بما في ذلك جرائم اغتيال مقيدة ضد مجهول، والمتاجرة بالمخدرات.
وكشفت التحقيقات القضائية أن رجال الدولة العميقة، ارتكبوا كثيرا من عمليات الاغتيال والاختطاف ضد شخصيات معارضة للحكومة بين عامي 1993 و1995، وقالت تقارير أمنية إن أغار استغل سلطته كوزير للداخلية في ذلك الوقت في توظيف وحماية عناصر اليمين المتطرف.
على الرغم من أن الكثير من الوثائق كشفت بوضوح عن استخدام أساليب غير قانونية تحت ستار “مكافحة الإرهاب” عندما كان أغار وزيراً للداخلية، إلا أن رئيسة الوزراء آنذاك تانسو تشيلر أنكرت أن “الدولة تتعاون مع المافيا”.
موقع تي 24 الإخباري طرح سؤالا عما إذا كانت رئيسة وزراء تلك الفترة تانسو شيلر على علم بجرائم القتل هذه، فأجاب المسؤول الاستخباراتي السابق محمد أيمور أنها “ربما كانت تعرف”، مضيفًا: “لكننا لا نعرف كيف صور وقدم لها أغار هذه العمليات”.
وأفاد محمد أيمور أن عبد الله جاتلي، من أبرز رجال الدولة العميقة ومحمد أغار، كان متورطًا في تهريب المخدرات، وتابع قائلا: “لقد تشاجرت مع جاتلي عندما رأيته في مطعم بإسطنبول. أكدت له رفضي لعمله في مجال المخدرات، لكنه رد علي قائلا: لقد أجبرنا على الدخول في هذا المجال، هل يجب أن نفلس؟”.
جاتلي كان ينتمي إلى التيار اليميني المتطرف، وكان مسؤولاً عن عدد كبير من الجرائم وقتل اليساريين، لكنه حظي بحماية أغار، وأظهرت الوثائق التي انكشفت بعد حادثة سوسورلوك الشهيرة في عام 1996 أن أغار كان زوده ببطاقة هوية مزورة وبندقية.
كما أكد أيمور أن وحدة جيتيم (Jitem) الاستخباراتية السرية التابعة لقوات الدرك مسؤولة عن عشرات جرائم القتل المجهولة، التي وقعت في الغالب في التسعينيات، واستهدفت الأكراد على وجه الخصوص.
جدير بالذكر أن محمد أغار شارك أكثر من مرة في لقاءات أردوغان الجماهيرية قيبل الانتخابات وقدم له دعما غير مشروط، كما أن ابنه لا يزال نائبا برلمانيا من صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم.
برينجك يخدم بريطانيا والولايات المتحدة
خلال المقابلة الصحفية مع موقع تي 24، انتقد أيمور دوغو برينجك، زعيم حزب الوطن البالغ من العمر 79 عامًا، والذي يعتبر من أبرز رجال الجناح الأوراسي للدولة العميقة، مدعيًا أنه عميل وموظف في أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية.
ولفت أيمور إلى أن برينجك يمتلك رجالا في كل من الجيش والمخابرات الوطنية، مشيرًا إلى أن رتب العسكريين التابعبن له في الجيش تتراوح من نقيب إلى جنرال.
وقال أيمور: “أعتقد أن برينجك يخدم البريطانيين والولايات المتحدة، وقد تأسست منظمته لمنع صعود اليسار في تركيا”.
يذكر أن الرئيس أردوغان بعد أن انحرف عن مساره الديمقراطي في العقد الأول من حكمه، تحالف مع كل من القوميين المحافظين الذين يمثلهم حزب الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي والقوميين العلمانيين الذين يمثلهم حزب الوطن بقيادة دوغو برينجك، ليخرج في ظل هذا التحالف عن إطار القانون المحلي في السياسة الداخلية والقانون الدولي في السياسة الخارجية.
–