أنقرة (زمان التركية) – أصدرت المحكمة الدستورية التركية حكما مهما للغاية فند مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول محاولة المشاركين في أحداث “جيزي بارك” عام 2013 للإطاحة بالحكومة.
قررت المحكمة الدستورية بإجماع آراء الأعضاء أن المشاركين في أحداث “جيزي بارك” لم ينتهكوا القواعد الخاصة بتنظيم التظاهرات والاحتجاجات، القرار الذي يتعارض مع أطروحة حكومة حزب العدالة والتنمية التي تزعم أن أعضاء ما سمته “الكيان الموازي” حاولوا من خلاله الانقلاب عليها.
ورفضت المحكمة الدستورية الطلب العام الذي تلقته حول انتهاك المشاركين في احتجاجات حديقة جيزي قانون التظاهر والاحتجاج، علمًا أن القرار المذكور نُشر اليوم في الجريدة الرسمية.
وقررت المحكمة الدستورية في الوقت ذاته تحميل نفقات المحكمة على الطرف المدعي، وبررت ذلك بقولها: “الادعاءات المتعلقة حول ارتكاب المشاركين في أحداث “جيزي بارك” جرائم باسم تنظيم إرهابي مع عدم انتمائهم إليه خالية عن الصحة بالكامل، وبالتالي فإنه ينبغي على الطرف المدعي تحمل أتعاب هذه المحاكمة”.
هذا القرار التاريخي صدر من المحكمة الدستورية بعد ثماني سنوات من بدء قضية جيزي بارك التي توجه فيها المدعي العام للمشاركين في الأحداث تهمة الإرهاب والانتماء إلى تنظيم إرهابي والإضرار بالمال العام ومقاومة الشرطة وغيرها.
ويؤكد مراقبون ومحللون سياسيون أن قرار المحكمة الدستورية المتأخر يسقط جميع مزاعم الرئيس أردوغان حول كون هذه الأحداث محاولة انقلابية ضد حكومته شارك فيها جميع أجنحة ما سماه “الكيان الموازي”.
جدير بالذكر أنه في 29 مايو عام 2013 اشتعلت المظاهرات في حديقة جيزي بميدان تقسيم في إسطنبول نتيجة لاعتداء الشرطة على المتظاهرين المعتصمين احتجاجا على خطة إنشاء ثكنة عسكرية في الحديقة والقضاء على المناطق الخضراء في محيطها، وانتقلت الاحتجاجات إلى العديد من المدن واستمرت لأسابيع بمشاركة أكثر من مليون شخص.
وعلى خلفية أحداث جيزي يحاكم 16 شخصًا من نشطاء المجتمع المدني منذ أكتوبر 2017 بتهم عديدة، على رأسهم رجل الأعمال البارز والناشط عثمان كافالا، حيث يواجهون اتهامات بمحاولة الإطاحة بحكومة أردوغان آنذاك، والإضرار بالمال العام.
وكانت المحكمة الدستورية العليا في تركيا اتخذت مؤخرا قرارا حاسما انتصرت فيه لحركة الخدمة، التي يتهمها أردوغان، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب منتصف يوليو 2016.
القرار المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 سبتمبر 2021، نص على أنه لا يمكن وصم أي هيكل أو تشكيل أو جماعة بأنها “منظمة إرهابية” على أساس “توصية” أو “قرار” من مجلس الأمن القومي.
ووفقا للقرار المؤرخ في 3 يونيو 2021، فإنه لا يمكن إصدار أي حكم بناءً على قرارات مجلس الأمن القومي فقط، ولا يمكن إعلان أي حركة أو كيان منظمة إرهابية دون صدور قرار قضائي نهائي والمصادقة عليه من قبل أعلى المؤسسات القضائية في البلاد وهي المحكمة الدستورية العليا.
يذكر أنه لا يوجد أي قرار قضائي ينص على أن حركة الخدمة منظمة إرهابية، وإنما كل هذه القرارات الخاصة بالحركة مجرد تصرف حكومي سياسي لا سند له من القانون، بل قرار القضاء على الحركة وإعلانها تنظيما إرهابيا اتخذه مجلس الأمن القومي في عام 2004، ووقع عليه في ذلك الوقت جميع المسؤولين الحكوميين بمن فيهم أردوغان.
وكان أردوغان والوزراء الموقعون على القرار برروا موقفهم هذا في ذلك الوقت بأنهم كانوا مضطرين لذلك تماشيا مع أعضاء مجلس الأمن القومي من العسكريين، وذلك خوفًا من رد فعل الفئات المحافظة في البلاد.
لكن وضع حركة الخدمة مسافة واضحة للغاية بينها وبين أساليب العنف والإرهاب منذ ظهورها كحركة مدنية تستلهم فكر فتح الله كولن منعت ترجمة هذا القرار إلى الواقع لمدة أكثر من عقد، مما دفع حكومة أردوغان، إلى تدبير محاولة انقلابية دموية في 2016، بالتواطؤ مع جنرالات تنظيم أرجنكون/الدولة العميقة، وتحميل الحركة مسؤوليتها حتى يتمكنوا من إقناع الجمهور بأنها منظمة إرهابية مسلحة.
وكانت حكومة أردوغان طالبت في 22 يوليو 2016 بإعفاءها لفترة معينة من معاهدة حظر التعذيب، وأعلنت بعد أسبوع من الانقلاب المزعوم حالة طوارئ، لأن القانون الجاري في البلاد لم يكن يسمح لها بتنفيذ عمليات الفصل والاعتقال التي طالت مئات الآلاف وفقا لقوائم الأسماء المعدة سلفًا.