المال والسلطة والتسلط – 28
الانقلابات المركبة
بقلم/ ماهر المهدي(زمان التركية)-يبدو أن الأمثال الشعببة في بلاد الله تابى الا أن تثبت صحتها وصدق رؤى من أطلقها مهما مر الزمان وتجددت الأجيال والأحداث والفاعلون في هذه الأحداث . ومن الأمثال الرائجة ” خدوهم بالصوت ليغلبوكوا ” . ومؤدى المثل : اذا أخطأت وتجاوزت فاصرخ وجلجل بصوتك كما يجلجل الرعد ويصهل الخيل ، فأن الصوت العالى والضجيج والجلبة المقصودة يمكن لها جميعا أن تنصر أصحابها ، ولو كانوا على غير حق للأسف . ولا يهم المنتصرين بالضجيج والجلبة والصوت العالي أن يكتشف الناس أو المجتمع الدولى كذبهم وتدليسهم على شعوبهم ولصالح أنفسهم ولصالح أعوانهم لاحقا . فالمهم هو الانتصار الآني إلذي يمكن ركاب الكذب من التقدم في مسيرته . فأي انقلاب أخطر من انقلاب الحاكم على سلطات بلاده لسنوات طويلة ، ليطوعها لتحقيق أهدافه وأهداف حزبه ، ولو قاد البلاد الى نزاعات عديدة وسقيمة مع دول هامة وصديقة مجاورة وغير مجاورة ؟
أي انقلاب يتحدث عنه المنقلبون على الحقوق وعلى والحريات في بلادهم على أعين الناس وبشهادات عشرات السجون الممتلئة وآلاف البيوت الخربة وعشرات الآلاف من الوظائف والحيوات المنهية بأيديهم وبأيدي أتباعهم ؟ ان الانسانية تتحدث عن انقلاب ، ولكن الطغاة يرتكبون ويتورطون في انقلابات كثيرة متتالية ومتداخلة ومستمرة على الدساتير وعلى القوانين وعلى الأعراف والتقاليد والأخلاق ، ليصنعوا ما قد يمكن تعريفه بالانقلابات المركبة بما قد يكون لها من آثار وخيمة على محيطها . فالمهم في مسيرة الطغاة هو تحقيق أهدافهم فقط وبأي ثمن كان . لقد ضرب الطغاة الأمثلة على هذه الانقلابات المركبة المستمرة الحدوث ، بحيث أن اتهام الطغاة للآخرين بالخروج على الشرعية الدستورية أو الانقلاب على جماعة مجرمة وإرهابية يبدو كتفكير ضال أعوج يدعو إلى الضحك والى الرثاء لأصحابه حاملي ألوية البطولة القومية والشهامة الدينية أمام شاشات التليفزيون وعلى منصات الخطابة . ولا يمنع شهادة الناس الا سطوة الطغاة والخوف على النفس والمال والولد .
من العجب في أمر الطغاة قدرتهم على توليد الكذب بعد الكذب دون كلل أو ملل او زهق من أنفسهم ومن كذبهم وهم ينظرون في أعين الناس ، حتى ليحتار البعض في أمرهم ويلتبس عليهم الحال حتى الضحك أو البكاء . فشر البلية ما يضحك . وعندما تعم السكينة يعلم الجميع الحق ويعلم الصواب ويفرق الصدق عن الكذب وعن الافتراء .