بقلم: أ.أحمد توران ألكان
“أين أولئك المسلمون الذين اعتادت جبتههم على السجود؟” هكذا تساءلت “خرَّم سونمز” في مقالتها على موقع “diken.com.tr” ثم تأتي سطور كالسموم فتقول: “بعض النساء اللاتي هربن من الحرب الدائرة في سوريا يعملن كمضيفات في الحانات والرجال يشترون بأموالهم ضحايا الحرب من النساء..يأخذون الفتيات الصغيرات ويبيعونهن، وإن فعْل هؤلاء المسلمين لايؤذي إيمانكم لكن الرسوم الكاريكاتورية التي تُنشر في مجلةٍ لم تقرأوها في حياتكم تضر بإيمانكم ومعتقدكم الديني. أهكذا الأمر؟!”
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الكتَّاب الذين يرون أنفسهم على علاقة بالإسلام انقسموا إلى معسكرَين. وقد اتهم أحد القسمين القسمَ الآخرَ بأنه شريك اللص في الجريمة ومتملق للحكومة وذو ضمير مأجور. في حين اتهم القسم الثاني معارضيه بأنهم علق مقزز وحشاشون وإرهابيون وبأنهم دمية الكيان الموازي الذي يسعى للسيطرة على مفاصل الدولة من الداخل.[/box][/one_third]ويتساءل مراد سوينتش من الصحيفة نفسها: “حسنا يا أخي العزيز أين هم المسلمون الحقيقيون في هذا البلد ناهيك عن العالم؟ هل الذين يؤمِّنون (أي يقولون آمين) عند سماع الخطبة يتبخَّرون على باب الجامع؟ فهل البروتستانت هم المسؤولون عن كون البلد على هذه الحال وعن العلاقات التي تثير الاشمئزاز وعن العنصرية والخطاب المقزز والإساءة ليل نهار إلى المعتقدات الأخرى ومعتنقيها والسرقات والتدهور وعدم الاحترام؟”
وأنا أوقع تحت هذا الكلام وكم كنتُ أتمنى أن أكون أنا هو كاتبه!
لم يعد أحد في البلاد ينخدع بلمعان الخطابات الرنانة الفارغة مثل “الوضع في تركيا جيد فنحن سنكون قدوة الدول الإسلامية إن شاء الله!”. ولمعرفة ذلك يكفي إلقاء نظرة على حال أرباب القلم من المتظاهرين والمدعين بالإسلام بمن فيهم كاتب هذا المقال. فالكتَّاب الذين يرون أنفسهم على علاقة بالإسلام انقسموا إلى معسكرَين. وقد اتهم أحد القسمين القسمَ الآخرَ بأنه شريك اللص في الجريمة ومتملق للحكومة وذو ضمير مأجور. في حين اتهم القسم الثاني معارضيه بأنهم علق مقزز وحشاشون وإرهابيون وبأنهم دمية الكيان الموازي الذي يسعى للسيطرة على مفاصل الدولة من الداخل. وبعد كل ذلك لم يعد مهماً من هو الذي يقول الحق والصدق. ويمكن القول بأنه لم يبقَ في الميدان مسلم موثوق به.
فهل بإمكاننا بعد ذلك تقديم خير وإسهامات للإسلام؟ إن سمعة تركيا التي تُعد الوجه الوسطي للإسلام تضرّرت كثيراً جراء تجريح مثقفي النخب الإسلامية بعضهم بعضاً بأشنع الاتهامات والسياسةِ الخارجية التي تتعامل مع الميليشيات العسكرية المجهولة من أجل إسقاط النظام في سوريا المجاورة. وقد يتمخض الكثير من المشاكل عن العلاقات المشبوهة بين الحكومة التركية وهذه المجموعات عندما تتغير الموازين.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن سمعة تركيا التي تُعد الوجه الوسطي للإسلام تضرّرت كثيراً جراء تجريح مثقفي النخب الإسلامية بعضهم بعضاً بأشنع الاتهامات.[/box][/one_third]والآن لنعُد إلى صدر الكلام مجدداً، أي إلى سؤال: “أين أولئك المسلمون الذين اعتادت جبهتهم على السجود؟”. ومع أن المطلوب منا هو أن نصبح أقلاماً تكتب تلك الفئة بها وآذاناً تسمع بها وقلوباً تنبض بها ومعها ومن أجلها وعقولاً تفكر بها إلا أننا لا نستطيع حتى صياغة جملة دون وضع قيود احترازية فيها من قيبل (لكن، غير أن، إلا أن) لوصف الظالم بالظالم والإرهابي بالإرهابي.
فنحن المتدينون عندما كنا نتعرض لظلم الدولة كنا إخوة قبلتنا واحدة ونملك ضميرا مسلماً ولكن عندما مسسنا الدولة صرنا فاسدين ومنحلين وصار إسلامنا عبارة عن اختلاق غطاء للذنوب التي نرتكبها والتعاملِ مع الفقهاء المكممة أفواههم والتضحيةِ بالقيم الدينية في سبيل تحقيق المصلحة السياسية. فالعالم الإسلامي الذي تفاخرنا بأننا قدوة له أصبح يعاملنا باعتبارنا مغامرين خطرين. أما العالم الغربي فقد وضع تركيا في دائرة “الشبهات المعقولة” منذ وقت طويل. ولم تعد هناك مقومات تعتمد على قيم أخلاقية عالية لوجودنا كدولة وشعب. فنحن نعيش حالة “التردّي” والانهيار بكل معنى الكلمة.
أيها الزملاء! هذا هو ما يسمى بالهزيمة! إن “كياننا الحضاري” أو “المدنيَّة” التي تردّدونها كثيراً دون أن تعلموا شيئاً من محتواها وحقيقتها.. هي ما فقدنا يا زملاء!
إن الجيل الجديد سيحكمه العلمانيون والليبراليون!