أنقرة (زمان التركية) – مع تزايد الحديث عن احتمالية الذهاب إلى انتخابات مبكرة، يبرز ملف الأكراد الشائك على الساحة، باعتبار الناخبين الأكراد رقم مهم في المعادلة الانتخابية، وقد يمثلون بطاقة رابحة لأحد الحزبان الجديدان في تركيا خلال الانتخابات القادمة.
مدير مركز “Rawaset” للدراسات روج جيراسون، أوضح أن علي باباجان وحزبه “الديمقراطية والتقدَّم” يجذبان الطبقة المتوسطة والناخبين من سكان المدن الذين صوتوا سابقًا لحزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي “الكردي”، أما أحمد داود أوغلو وحزبه المستقبل فيجذبان الناخبين من الطبقة المحافظة المتدينة.
جيراسون أوضح في تصريحات لوكالة (دويتشه فيليه) الألمانية أيضًا أن حزب باباجان له فرص أكبر في المناطق الكردية، مشيرًا إلى الدعم الذي يحصل عليه الحزب من رئيس الجمهورية السابق عبد الله جول.
وأشار جيراسون إلى أن عبد الله جول كانت لها علاقات مع نواب حزب السلام والديمقراطية الكردي خلال فترة رئاسته للجمهورية، لافتًا إلى أنه ألقى كلمة في 11 مارس/ أذار 2009 قال فيها: “ستحدث أمور جيدة للغاية بشأن الأزمة الكردية”، ليبدأ النظر إليه بعد ذلك على أنه رجل السياسة المعتدل، مما أكسبه حب أهالي المنطقة من الأكراد.
وأشار إلى أنه في حالة أراد الناخبين الأكراد التعبير عن حبهم لعبد الله جول، فإن هذا الحب سينعكس ويظهر على الدعم الذي سيلقاه حزب باباجان في المنطقة.
وزعم جيراسون أن هجمات داعش على أماكن إقامة الأكراد في سوريا والعراق في الفترة نفسها، وما شهدته مدينة كوباني (عين العرب) في سوريا من أحداث بعد ذلك، ثم دخول قوات البشمركة إلى كوباني، جميعها عناصر جعلت الأزمة الكردية أزمة قومية، وأن هذا القدر من الطاقة كان داعمًا لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي الذي تمكن من تجاوز الحد الأدنى للتمثيل البرلماني في 2015.
وأكد أن من يريد كسب أصوات من قاعدة ناخبي حزبي العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطية سيكون عليه تقديم وعود جدية لأمرين مهمين: الأول ضمان حق المواطنة المتساوية للجميع وحق التعليم باللغة الأم.
وأدى عزوف الأكراد عن التصويت لحزب أردوغان في انتخابات 7 يونيو/ حزيران 2015 إلى فشله في تشكيل الحكومة منفردًا، لكن مع إلغاء نتيجة الانتخابات وإشاعة الخوف والرعب فيما بينهم بعودة الاشتباكات بين الدولة والانفصاليين الأكراد تراجع الأكراد عن قرارهم السابق في الانتخابات التي أعيدت في نفس العام بالأول من نوفمبر2015 ليشكل حزب العدالة والتنمية الحكومة بدون مشاركة حزب الشعوب الديمقراطي.
وفي الفترة الأخيرة بدأ الحزبان الجديدان تشكيل صفوفهم في المدن الواقعة في جنوب غرب البلاد ذات الأغلبية الكردية، التي لعبت دورًا مهمًا في تغيير نتائج الانتخابات الأخيرة.
مدينة ديار بكر التي تعتبر المقر الرئيس للأكراد في مدن جنوب شرق تركيا، تضم نحو 2 مليون نسمة، ويتمتع فيها حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بأغلبية سياسية كاسحة، أما حزب العدالة والتنمية فليس له تمثيل سياسي تذكر هناك.
ومع فشل أردوغان وحزبه في السيطرة على تلك المدن في انتخابات البلديات، تم عزل 46 رئيس بلدية من أصل 65 بلدية تابعة للحزب الكردي، بعد أن حصل الحزب على نحو ضعف أصوات حزب أردوغان؛ بينما يؤكد المواطنون عدم اقتناعهم بالحجج التي قدمها الحزب الحاكم لعزل رؤساء البلديات والمحليات المنتخبين.
وتشير تقيمات أن ناخبي حزب العدالة والتنمية الحاكم في المناطق الشرقية ذات الأغلبية الكردية منزعجون عن أداء حزبهم، مع وجود ترجيحات بتوجههم إلى حزب علي باباجان أو حزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو.
وكان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان قدم في المؤتمر التأسيسي لحزبه وعودًا بالعمل على إقرار حرية استخدام المواطنين للغاتهم الأصلية دون التقيد باللغة التركية، وذلك رغم أنه يحظر في تركيا استخدام غير اللغة التركية بشكل رسمي.
وفصل باباجان قائلا: “لن نجعل الاعتراف بحقوق الأكراد رهينة مكافحة تنظيم حزب العمال الكردستاني.. بل سنعترف بكل حقوقهم من جانب وسنكافح التنظيم الإرهابي من جانب آخر”.
–