باريس (زمان التركية): بعد تعرض مصالحها في ليبيا وسوريا للخطر، تسعى فرنسا إلى حشد ضغوط سياسية على تركيا، من خلال استجداء دعم الاتحاد الأوروبي، بعد أن تجاهلها حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في 2 جويلية الجاري، إن فرنسا زعمت مؤخرا تعرضها لمضايقات في شرق البحر المتوسط، وقد أثبتنا أن تلك الادعاءات ليست صحيحة، فيما قال “الناتو” إنه لا يوجد دليل على مثل هذه المضايقات المزعومة.
واكتفى “الناتو”، منذ يونيو/حزيران الماضي، بالإعلان عن إجراء تحقيق في مزاعم فرنسا ضد تركيا في شرق المتوسط، وهو ما اعتبره مراقبون “تجاهلا من الناتو للمزاعم الفرنسية”.
دعم أوروبي
بعد أن أصيبت بخيبة أمل من “الناتو”، الذي يضم تركيا أيضا في عضويته، تطلعت أنظار باريس إلى الاتحاد الأوروبي، لعله يمد إليها يد الدعم للضغط على أنقرة.
ولم يكن صعبًا على فرنسا الحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي، الذي يقدم شتى أنواع الدعم لليونان وأنشطة القبارصة الروم، تحت “غطاء تضامن الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”، متجاهلا الحقوق التركية في شرق المتوسط والحقوق المشروعة للقبارصة الأتراك.
ونتيجة لجهود باريس، تم إدراج “المسألة التركية” في جدول أعمال مجلس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، المقرر في 13 جويلية لجاري.
وسعت فرنسا إلى ضمان مشاركة تركية في “قمة الميزانية” (أوروبية)، وهي مقررة يومي 17و18 جويلية الجاري، لاتخاذ قرارات وتدابير اقتصادية تتعلق بمواجهة فيروس “كورونا”، إلا أن تركيا رفضت المشاركة في القمة التي دعت إليها باريس.
ولجأت باريس إلى سياستها المعتادة، المتمثلة بإظهار المواقف العدائية ضد تركيا، وتبني المنظمات الإرهابية والدفاع عنها في البرلمان الأوروبي، واختلاق المزاعم لحشد الدعم.
مصالح ماكرون
يرى مراقبون أن موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المناهض لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتصاعد المواقف العدائية الفرنسية ضد أنقرة، يرجع إلى تضرر مصالح ماكرون بالدرجة الأولى.
ومنذ أن تولى ماكرون الرئاسة، في 14 ماي2017، اهتزت فرنسا على وقع احتجاجات مستمرة بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العميقة، في وقت يحاول فيه ماكرون التعامل مع حالة عدم الاستقرار السياسي، وأحدث حلقاتها استقالة رئيس الوزراء إدوار فيليب، و15 وزيرا، الأسبوع الماضي.
كما تشير نتائج الانتخابات المحلية في فرنسا إلى انخفاض كبير في شعبية ماكرون في الشارع الفرنسي؛ بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية، التي طبقها خلال السنوات الثلاث الماضية، وقوبلت باحتجاجات عارمة، فضلا عن اتهامه بالجنوح نحو “السلطوية السياسية”.
وسعى ماكرون، في الآونة الأخيرة، إلى كسب ود اليمين المتطرف لضمان المزيد من دعمه، من خلال معاداة تركيا.
وسبق لماكرون أن اتهم “الناتو”، العام الماضي، بـ”الموت الدماغي”، في أعقاب انتصارات مهمة حققتها تركيا عبر عملية “نبع السلام” (شمالي سوريا) ضد منظمة بي كا كا/ ي ب ك الإرهابية، المدعومة فرنسيًا.
كما أن دعم أنقرة للحكومة الشرعية، المعترف بها دوليا، في ليبيا، يتعارض مع مصالح سياسة ماكرون الخارجية.
وتسعى باريس إلى حماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، من خلال التحالف مع الجنرال الانقلابي حفتر، بهدف الحصول على حصة من النفط الليبي.
ولهذا السبب، تغض باريس الطرف عن التدخلات الروسية والإماراتية والمصرية، الداعمة لحفتر.
وفي أعقاب بدء التعاون الأمني والعسكري بين أنقرة والحكومة الشرعية، حقق الجيش الليبي سلسلة انتصارات مكنته من طرد مليشيا حفتر من المنطقة الغربية، باستثناء مدينة سرت (450 كم شرق طرابلس)، التي يتأهب لتحريرها.